Monday 14 October 2019

أنبياء الله ؛ تعرَّف عليهم - ج 4 - نبي الله هود بن عاد بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام

 




الترتيب الزمنى لأنبياء الله وسيرهم- ج4 – نبي الله هود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام

أول الإنبياء العرب:
نسبه:
أورد ابن كثير نسبه كالآتي:
هو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال إن هودًا هو: عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح،عاش ( 464) سنة( قالها ابن كثير ).
ونبي الله هود هو أول الأنبياء العرب، فهو والنبي صالح وشعيب عليهم السلام ، وخاتم النبيين محمد الله من أنبياء العرب ، وقد جاء في صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديث طويل في ذكر الأنبياء والمرسلين قال: “وأربعة من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيك محمد“.( صحيح)
 أُرسِل هود في قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح، وهي قبيلة عاد، وسميت بذلك نسبةً إلى عاد بن إرم بن سام. ذكر ابن كثير في البداية والنهاية، "أن عابرا الذي ينسب إليه قحطان هو نبي الله هود عليه الصلاة والسلام.
هل هناك عاد واحدة ؟ أم عادان؟
فقد اختلف المفسرون والمؤرخون هل هي عاد واحدة أو هما عادان؟ حيث ذهب بعضهم إلى القول الأول، واعتبر وصف الله لهم بالأولى لأنهم كانوا قبل ثمود. قال ابن زيد: قيل لها عاد الأولى لأنهم أول أمة أهلكت بعد نوح: وذهب آخرون إلى الثاني وهو أنها عادان.
قال الشوكاني في تفسيره: قال ابن إسحاق: هما عادان فالأولى هلكت بالصرصر والآخرى أهلكت بالصيحة.
وقال الطبري في تفسيره: يقول الله تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى} [لنجم:50]. يعني تعالى ذكره بعاد الأولى عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح ، وهم الذين أهلكهم الله بريح صرصر عاتية، وإياهم عنى بقوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} (الفجر6 ) إلى أن قال: وإنما قيل لعاد بن إرم عاد الأولى لأن بني لقيم بن هزار بن هزيل بن عبيل بن ضد بن عاد الأكبر ،كانوا أيام أرسل الله على عاد الأكبر عذابه سكاناً بمكة مع إخوانهم من العمالقة فلم يصبهم من العذاب ما أصاب قومهم وهم عاد الآخرة ثم هلكوا بعد.
ولعل الصحيح أنهما عادان، لما أخرج البخاري عن عائشة أن النبيﷺ قال: يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرناً." ( رواه أبو داود- وصححه الألباني)
قال ابن حجر في الفتح عند هذا الحديث: ظاهر هذا أن الذين عذبوا بالريح غير الذين قالوا : { قَالُوا هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ } ( الأحقاف24)، إلى أن قال: وهذا يحتمل لقول الله تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الْأُولَى} [لنجم:50]، فإنه يشعر بأن ثَمَّ عاد أخرى، يسمون أيضا إرم ، ففي الحديث الذي رواه الوادعي وحسنه،  في أسباب النزول عن جماعة من قوم عاصم بن عمر، قالوا: " كان ممَّا صنَعَ اللهُ لرسولِهِ: أنَّ الأَوْسَ والخَزْرجَ كانوا يَسمَعون مِن حلفائِهِ مِن يهودِ المدينةِ: أنَّ نبيًّا مِن الأنبياءِ مبعوثٌ في هذا الزمانِ، سيخرُجُ فنتَّبِعُه ونقتُلُكم معه قَتْلَ عادٍ وإرَمَ، " ، وفي حديث ضعيف عن رسول الله  أنه قال في الخوارج : " لئن أدرَكتُهم لأقتلنَّهم قتلَ عادٍ وإرم" ، فدل على أن إرم اسم من أسماء القبيلة أنهم يسمون عادا ويسمون إرم ويمكن أنهم من قبيلتين قبيلة اسمها عاد الأولى وعاد الثانية هم إرم. والله أعلم.
وكلهم عاد وإرم مشهورون بقوة البنية وبالمتانة وبكبر الجثة وكبر الأجرام وبالقوة الحسية والقوة المعنوية ولأجل ذلك أدلوا بقوتهم فهذه قصتهم.
وقيل أن عادا كانوا ثلاث عشرة قبيلة ، وظلموا وقهروا العباد بسبب قوتهم التي ءاتاهم الله إياها، فقد زادهم الله في الخِلقة والقوة، وبسط لهم في أجسادهم وعظامهم فكانوا طوالاً في أجسامهم وقوامهم، قيل كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعًا، قال تعالى: {واذكروا إذ جَعَلَكُم خُلفاء من بعدِ قومِ نوحٍ وزادكُم في الخَلقِ بصطةً} ( الأعراف 69) وكانوا أصحاب أوثان وأصنام يعبدونها من دون الله، صنم يقال له صداء، وصنم يقال له صمود، وصنم يقال له الهباء، قال الله تعالى:{ألم ترَ كيفَ فعلَ ربُّكَ بعادٍ* إرَمَ ذاتِ العِمادِ* التي لم يُخلَقْ مِثْلُها في البلادِ} (سورة الفجر.6-8)
أعطى الله تبارك وتعالى قبيلة عاد نِعَمًا كثيرة وافرة وخيرات جليلة، فقد كانت بلادهم ذات مياه وفيرة فزرعوا الأراضي وأنشأوا البساتين ، قال تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ *  أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}( الشعراء 132-134)،  وأشادوا القصور الشامخة العالية،قال تعالى:{ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ *  وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} ( الشعراء 128-129)،  ما معناه أتبنون بكل مكان مرتفع بناءً عظيمًا هائلاً تعبثون ببنائه ولا حاجة لكم فيه وأنتم تسكنون الخيام العظيمة، ثم تتخذون القصور رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار أعمارًا طويلة.
  ولكنهم كفروا نعم الله عليهم، واتخذوا من دونه ءالهة، فكانوا أول الأمم الذين عبدوا الأصنام بعد الطوفان العظيم الذي عم الأرض وأهلك الكافرين الذين كانوا عليها.
 فبعث الله تبارك وتعالى إليهم نبيه هود عليه السلام ، وكان أحسنهم خُلقًا وأفضلهم موضعًا وأوسطهم نسبًا، فدعاهم إلى عبادة الله تعالى وحده وترك عبادة الأصنام ، وأن ينتهوا ويكفوا عن الظلم والبغي والفساد بين الناس، ولكنهم عاندوا وتكبروا وكذبوا نبي الله هودًا عليه الصلاة والسلام، وءامن به واتبعه أناس قليلون كانوا يكتمون إيمانهم خوفًا من بطش وظلم قومهم الكافرين المشركين، قال الله تبارك وتعالى: {فأمَّا عادٌ فاستَكبروا في الأرضِ بغيرِ الحقِّ وقالوا مَنْ أشدُّ مِنَّا قوةً أوَلَمْ يَروا أنَّ اللهَ الذي خلقهُم هُوَ أشدُّ مِنهُم قوةً وكانوا بآياتِنا يجحدونَ} ( فصلت 15).
إهلاك عاد وإنزال العذاب بهم لتكذيبهم نبي الله هودًا عليه السلام
لما تجبر قوم هود عليه السلام ولم يستجيبوا لدعوة نبيهم هود عليه السلام ، دعا ربه: (قالَ ربِّ انصُرني بما كذَّبونِ* قالَ عَمَّا قليلٍ ليُصْبِحُنَّ نادمينَ)( المؤمنون39)
فأمسك الله عنهم المطر حتى جهدوا، وكان كلما نزل بهم الجهد ذكَّرهم هود بدعوة الله وأنه لا ينجيهم من البلاء والعذاب إلا الإيمان والاستماع لنصائحه بالقبول، فكان ذلك يزيدهم عتوًا وعنادًا فازداد العذاب عليهم وصاروا في قحط وجفاف شديدين فطلبوا السقيا والمطر وأوفدوا وفدهم إلى مكة يستسقون لهم، وورد في الحديث قصة هذا الوافد الذي أرسلوه يروى على لسان امرأة من تميم جاءت تسأل رسول الله حاجة ، وقالت عبارة : " أعوذُ باللهِ ورسولِه أن أكونَ كوافدِ عادٍ "، قال ﷺ: " هِيه،  وما وافدُ عادٍ؟ "، وهو أعلمُ بالحديثِ منه ولكن يستطعِمُه، قالت : "إنَّ عادًا قحَطوا فبعثوا وافدًا لهم يُقالُ له : قيْلُ،  فمرَّ بمعاويةَ بنِ بكرٍ فأقام عنده شهرًا يسقيه الخمرَ وتُغنِّيه جاريتان يُقالُ لهما الجرادتان، فلمَّا مضَى الشَّهرُ خرج جبالَ تهامةَ فنادَى : اللَّهمَّ إنَّك تعلمُ أنِّي لم أجِئْ إلى مريضٍ فأُداويه، ولا إلى أسيرٍ فأُفاديه،  اللَّهمَّ اسْقِ عادًا ما كنتَ تسقيه ، فمرَّت به سحاباتٌ سُودٌ فنُودي منها : خُذْها رمادًا رمددًا، لا تُبقي من عادٍ أحدًا "  فأنشأ الله سحابًا أسود وساقه إلى عاد فخرجوا ليستقبلوا الماء، فلما رأوها استبشروا أنه سحاب مطر وسُقيا ورحمة فإذا هو سحاب عذاب ونقمة، أرسل عليهم ريحًا شديدة عاتية حملت رحالهم ودوابهم التي في الصحراء وقذفت بها إلى مكان بعيد، فدخل قلوبهم الفزع وهرعوا مسرعين إلى بيوتهم يظنون أنهم ينجون، ولكن هيهات إذ حملتهم هذه الرياح الشديدة وأهلكتهم.
قال تعالى: {فلمَّا رأوهُ عارِضًا مُسْتَقبِلَ أوديتهم قالوا هذا عارضٌ مُمْطِرُنا بل هوَ ما استعجلتُم بهِ ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ* تُدَمِّرُ كُلَّ شيءٍ بأمرِ ربِّها فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم كذلكَ نُجزي القومَ المُجرمينَ}(الأحقاف 24-25)
وكان بعد ذلك أن العرب تضرب بهم المثل، فكانوا إذا بعثوا وفدًا لهم قالوا: لا تكن كوافد عاد، روى الإمام أحمد في مسنده أن الحارث بن حسان البكري قال لرسول الله : “أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد” الحديث).حديث حسن)
ولقد نجى الله هودًا عليه السلام ومن معه من المؤمنين قال تعالى: {فأنجيناهُ والذينَ معهُ برحمةٍ مِنَّا وقطعنا دابِرَ الذينَ كذبوا بآياتِنا وما كانوا مؤمنين} ( الأعراف72)
هود عليه السلام بعد هلاك قومه:
وقد حج بعد ذلك سيدنا هود عليه السلام كما روى ذلك أبو يعلى في مسنده.
وذكر أنه عاش عاش أربعمائة وأربعة وستين عاماً ،  أما موضع قبره ففيه خلاف، قيل شرقي حضرموت علي بعد مرحلتين من تريم في كثيب أحمر عند رأسه سمرة.
 وقيل بالحِجر من مكة
 وذكر ءاخرون أنه بدمشق، وبجامعها مكان في حائطه القبلي يزعم بعض الناس أنه قبر هود عليه السلام والله أعلم. وبلاد عاد اليوم رمال قاحلة لا أنيس فيها ولا ديار، فسبحان الملك العزيز الجبار.
  وفي تحقيق القول أنه دفن في اليمن في حضرموت، ذكر ومن كتاب قصص الأنبياء لرشدي البدراوي الأستاذ بجامعة القاهرة ورد في صفحة 145 مايلي: : إنَّ وجود منطقة تسمى بالأحقاف بجنوب اليمن لا يعني بالضرورة أن تكون هي التي سكنها قوم عاد ، لما جاء قوله تعالى :( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) (سورة الأحقاف الآية 21-26) ، حيث أن الحقف هو المعوج من الرمل، ويطلق على كل هضاب العالم الرملية، فيحتمل وجودهم في أي مكان آخر، أما من حيث التسمية فهنالك في شمال الحجاز وادي إرم، وبئر إرم، وجبل رم في الأردن قرب البتراء،  أو جبال الشام في دمشق ودعي له قبر عند المسجد الاموي، والله أعلم.


No comments:

Post a Comment