Thursday 21 January 2021

تفسير سورة التكوير ج1- علامات وأهوال يوم القيامة

  


تفسير وربط للآيات -وبيان المتشابهات- سورة التكوير ج 1- علامات وأهوال يوم القيامة

التسمية :

 

وتسمى أيضا:  (سُورَةُ كُوِّرَتْ)، أَوْ سُورَةُ : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ )

 

التعريف بالسورة :

 

 هي سورة مكية – وهي من المفصل .-آياتها 29 - ترتيبها الحادية والثمانون  في المصحف

- نزلت بعد سورة المسد - بدأت السورة باسلوب شرط { إِذَا الشَّمْسُ كُورَتْ}.

 

محور مواضيع السورة :

 

يدور مِحوَر السُّورَة حول تثبيت الإيمان في صدر المؤمن، وخصوصا هنا بإثبات (يوم القيامة) من خلال ذكر بعض أهوالها التي تسبقها، وتكون منها، وإثبات حقيقة (الوَحي والنبوة) وكلاَهُمَا مِنْ لَوازمِ الإِيمانِ.

ففيها الدعوة إلى توحيد الله من خلال ذكر أهوال يوم القيامة والرد على افتراءات الكفار على الرسول والقرآن الكريم.

 ويمكن أن نعتبر السورة استكمالًا لما ورد في نهاية سورة عبس من أهوال يوم القيامة، وحال الناس بها، بجانب أنها تشترك مع سورة عبس في توضيح شرف القرآن الكريم، ومكانته التي تحل على المكلفين بحمله، من الملائكة في الملأ الأعلى، إلى النبي الخاتم الذي شرفه الله به، إلى كل من حمله من بعده.

فهذه الدار دار ابتلاء يبقى فيها الإنسان فترة قصيرة هي بداية طريقه إلى الجنة أو النار والعياذ بالله، وأنزل الله القرآن الكريم على خاتم الأنبياء والمرسلين مرسل الى العرب خاصة والناس عامة ليخرجهم من الكفر إلى الإيمان، وفيه تذكرة للمؤمنين خاصة والناس أنه من أراد الهداية في الدنيا والجنة في الآخرة عليه أن يتمسك بالقرآن الكريم فهو مصباحه في دنيا تكثر بها الفتن والمصائب.

 

سبب نزول السورة :

عن سلمان بن موسى قال لما أنزل الله عز وجل {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} قال ذلك إلينا إن شئنا استقمنا وإن لم نشأ لم نستقم،  فأنزل الله تعالى: { وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}

ما ورد في السورة من حديث:

(1) روى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : مَن سرَّهُ أن ينظرَ إلى يومِ القيامةِ كأنَّهُ رأيُ عَينٍ فليقرأ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، وَ {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ}، و {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ}" (صحيح الترمذي) ، ففي هذه السور ذكر تعالى أهوال يوم القيامة.

(2) روى الترمذي عَنْ عِكْرِمَةَ عن ابنِ عبّاسٍ قالَ : قالَ أَبُو بَكْر رضي الله عنه: “يَا رَسُولَ الله قَدْ شِبْتَ. قالَ : "شَيّبَتْنِي هُودٌ وَالْوَاقِعَةُ وَالمُرْسَلاَتُ و {عَمّ يَتَسَاءَلُونَ} و {إِذَا الشّمْسُ كُوّرَتْ}”. (رواه الإمام أحمد، وهو في صحيح الجامع)

كان النَّبيُّ أَتْقى الخَلق لله، وأشَدَّهم له خَشية، وكان يتَدبَّر القرآنَ كما يَنبَغي ويجب علينا أن نتدبره؛ ولذا شيّبَته بعضُ سور القرآنِ، وذلِك لِمَا في تلك السُّورِ مِن ذِكْرِ هَلاكِ الأمم السابقة وعذابهم، وذِكْرِ أهوال القيامة ومصائبِها، وكأنَّ ذلك الشَّيبَ بسبب الخوف مِن النَّبي شفقة على أُمته وخوفًا عليهم.

 ( 3) عن سلمان بن موسى قال لما أنزل الله عز وجل {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} قال ذلك إلينا إن شئنا استقمنا وإن لم نشأ لم نستقم،  فأنزل الله تعالى: { وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}

 

تفسير السورة:

{ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } تبدأ السورة بإثني عشر أسلوب الشرط، والسور التي تبدأ بأسلوب الشرط سبع هي:

سورة الواقعة {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}، وسورة المنافقون.{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ }، وسورة التكوير { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، وسورة الإنفطار { إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ}، وسورة الإنشقاق { إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ}، وسورة الزلزلة { إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا }، وسورة النصر { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ }.

ويلاحظ أنها كلها في أهوال يوم القيامة وعلاماته، ما عدى المنافقون، والنصر وهي المبشرة لرسول الله، وآخر ما نزل من السور.

قوله تعالى: { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} ، قال ابن عباس : كورت مثل تكوير العمامة، تلف فتمحى، وأصل التكوير : الجمع، مأخوذ من كار العمامة على رأسه يكورها أي لاثها وجمعها فهي تكور فينمحى ضوءها، ثم يرمى بها في البحر. والله أعلم.

وقوله تعالى: {وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ}، أي تهافتت وتناثرت،  اِنْكَدَرَتِ النُّجومُ : تَناثَرَتْ

وانصبت، عن ابن عباس قال : تساقطت؛ وذلك أنها قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور، وتلك السلاسل بأيدي ملائكة من نور، فإذا جاءت النفخة الأولى مات من في الأرض ومن في السموات، فتناثرت تلك الكواكب وتساقطت السلاسل من أيدي الملائكة؛ لأنه مات من كان يمسكها.

ويحتمل أن يكون انكدارها طمس آثارها، وكونها أظْلَمتْ وذهب نُورُها. وسميت النجوم نجوما لظهورها في السماء بضوئها.

{وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} يعني قلعت من الأرض، وسيرت في الهواء؛ زالت عن أماكنها ونسفت فتركت الأرض قاعاً صفصفاً، وهو مثل قوله تعالى { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} (الكهف ٤٧) وقيل: سيرها تحولها عن منزلة الحجارة، فتكون كثيبا مهيلا ، أي رملا سائلا وتكون كالعهن، وتكون هباء منثورا، وتكون سرابا، مثل السراب الذي ليس بشيء. وعادت الأرض بارزة قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتًا.

وقوله تعالى: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} أي النوق الحوامل التي في بطونها أولادها؛ الواحدة عشراء أو التي أتى عليها في الحمل عشرة أشهر، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع، وبعدما تضع أيضا. ومن عادة العرب أن يسموا الشيء باسمه المتقدم وإن كان قد جاوز ذلك؛ يقول الرجل لفرسه وقد قرح : هاتوا مهري وقربوا مهري.

وإنما خص العشار بالذكر؛ لأنها أعز ما تكون على العرب، ولأن مالها وعيشها أكثره من الإبل. وليس عطلها أهلها إلا حال القيامة. وهذا على وجه المثل؛ لأن في القيامة لا تكون ناقة عشراء، ولكن أراد به المثل؛ أن هول يوم القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه.

وقوله تعالى: { وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} ، أي جمعت والحشر : الجمع،  وعن ابن عباس قال : يحشر كل شيء حتى الذباب، وقال: تحشر الوحوش غدا : أي تجمع حتى يقتص لبعضها من بعض، فيقتص للجماء من القرناء، ثم يقال لها كوني ترابا فتموت. وهذا أصح مما رواه عنه عكرمة. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال يرفعه: " يُحشرُ الخلائقُ كلُّهم يومَ القيامةِ والبهائمُ والدوابُّ والطيرُ وكلُّ شيءٍ فيبلغُ من عدلِ اللهِ أن يأخذَ للجمَّاءِ من القرْناءِ ثم يقول كوني ترابًا فذلك حين يقول الكافرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا" ( السلسلة الصحيحة للألباني- قوي)

وقوله تعالى: { وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} قال ابن عباس: يرسل اللّه عليها الرياح الدبور فتسعرها وتصير ناراً تأجج محيطة بأهل الموقف، وفي سنن أبي داود: (لا يركَبُ البحرَ إلَّا حاجٌّ أو معتمِرٌ أو غازٍ في سبيلِ اللَّهِ فإنَّ تحتَ البحرِ نارًا وتحتَ النَّارِ بحرًا) ( رواه أبو داود- ضعفه الألباني)

وأصل سَجَرت في اللغة: سجَر الإناءُ :امتلأ

سجَر الإناءَ ونحوَه: ملأه حتى فاض ، وسجَّرَ الماءَ: فجَّرَه.

وإذا البحار سجِّرَت: أوقدت نارا أو ملئت. كقوله تعالى: { وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} ( الطور ٦)

وقيل: يفيض بعضها إلى بعض فتصير شيئا واحدا فتمتلىء، وهو معنى قول الحسن. وقيل : أرسل عذبها على مالحها ومالحها على عذبها، حتى امتلأت. عن الضحاك ومجاهد : أي فجرت فصارت بحرا واحدا.

قوله تعالى {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} ، قال النبي {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} قال : "يقرن كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون كعمله" ( لم أجده مرفوعا) . وسُئِلَ ابنُ عُمِرَ عن قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} (التكوير ٧)،  قال: "يُقرَنُ بينَ الرَّجُلِ الصَّالحِ مع الرَّجُلِ الصَّالحِ في الجنَّةِ، ويُقرَنُ بينَ الرَّجُلِ السُّوءِ مع الرَّجُلِ السُّوءِ في النَّارِ." ( رواه ابن حجر وقال إسناده قوي، ولم يرفعه)، وقال ابن عباس: ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة، السابقون زوج - يعني صنفا - وأصحاب اليمين زوج، وأصحاب الشمال زوج. وعنه أيضا قال : زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين، وقرن الكافر بالشياطين، وكذلك المنافقون وعنه أيضا : قرن كل شكل بشكله من أهل الجنة وأهل النار، فيضم المبرز في الطاعة إلى مثله، والمتوسط إلى مثله، وأهل المعصية إلى مثله؛ فالتزويج أن يقرن الشيء بمثله؛ والمعنى : وإذا النفوس قرنت إلى أشكالها في الجنة والنار.

قيل : يضم كل رجل إلى من كان يلزمه من ملك وسلطان، كما قال تعالى { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ} (الصافات ٢٢)

وقوله تعالى: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ}، الموؤودة المقتولة؛ وهي الجارية تدفن وهي حية، سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب، فيوءدها أي يثقلها حتى تموت؛ ومنه قوله تعالى { وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} (البقرة ٢٥٥)، أي لا يثقله حفظهما.

وكانوا يدفنون بناتهم أحياء لخصلتين : إحداهما كانوا يقولون إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به.

الثانية إما مخافة الحاجة والإملاق، وإما خوفا من السبي والاسترقاق.

وقد كان ذوو الشرف منهم يمتنعون من هذا، ويمنعون منه، حتى افتخر به الفرزدق، فقال : ومنا الذي منع الوائدات ** فأحيا الوئيد فلم يوأَد ،، يعني جده صعصعة كان يشتريهن من آبائهن. فجاء الإسلام وقد أحيا سبعين موؤودة.

قال عمر في قوله تعالى {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} قال : جاء قيس بن عاصم إلى النبي فقال : يا رسول الله! إني وأدت ثماني بنات كن لي في الجاهلية، قال : (فأعتق عن كل واحدة منهن رقبة) قال : يا رسول الله إني صاحب إبل، قال : (فأهد عن كل واحدة منهن بدنة إن شئت).

 وقوله تعالى { سُئِلَتْ} سؤال الموؤودة سؤال توبيخ لقاتلها، أراد الله أن يوبخ قاتلها؛ لأنها قتلت بغير ذنب. وعن جابر بن زيد وأبي صالح {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} فتتعلق الجارية بأبيها، فتقول : بأي ذنب قتلتني؟! فلا يكون له عذر؛  وذلك قوله: { بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}، وهو مئل قوله تعالى لعيسى {أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ}،( المائدة ١١٦) على جهة التوبيخ والتبكيت لهم.

قوله تعالى { وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} أي فتحت بعد أن كانت مطوية، والمراد صحف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير وشر، تطوي بالموت، وتنشر في يوم القيامة، فيقف كل إنسان على صحيفته، فيعلم ما فيها، فيقول { مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} (الكهف٤٩).

روي عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله قال: "يُحشَرُ النَّاسُ يومَ القيامةِ عُراةً حُفاةً "، فقالت أمُّ سلَمةَ : فقلتُ : يا رسولَ اللهِ واسوأتاه ينظُرُ بعضُنا إلى بعضٍ فقال: شُغِل النَّاسُ ، قلتُ : ما شغَلهم ؟ قال : نشْرُ الصَّحائفِ فيها مثاقيلُ الذَّرِّ ، ومثاقيلُ الخرْدَلِ" (الترغيب والترهيب، إسناده صحيح)، هما نشرتان وطية، أما ما حييت يا ابن آدم فصحيفتك المنشورة فأمل فيها ما شئت، فإذا مت طويت، حتى إذا بعثت نشرت {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} (الإسراء ١٤).

قوله تعالى {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ}

الكشط : قلع عن شدة التزاق؛ فالسماء تكشط كما يكشط الجلد عن الكبش وغيره

والقشط : لغة فيه. وفي قراءة عبدالله {وَإِذَا السَّمَاءُ قُشطت}

وكشطت البعير كشطا : نزعت جلده ولا يقال سلخته؛ لأن العرب لا تقول في البعير إلا كشطته أو جلدته، وانكشط : أي ذهب؛ فالسماء تنزع من مكانها كما ينزع الغطاء عن الشيء. وقيل : تطوى كما قال تعالى { يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} (الأنبياء ١٠٤)، فكأن المعنى : قلعت فطويت. والله أعلم.

قوله تعالى { وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ} أي أو قدت فأضرمت للكفار وزيد في إحمائها. يقال : سعرت النار وأسعرتها. وقرأ نافع بالتشديد لأنها أوقدت مدة بعد مرة.  قال قتادة : سعرها غضب الله وخطايا بني آدم. وفي الترمذي عن أبي هريرة عن النبي قال: "أوقِدَ على النارِ ألفَ سنةٍ حتى احمرت، ثم أوقِدَ عليها ألفَ سنةٍ حتى ابيضت، ثم أوقِدَ عليها ألفَ سنةٍ حتى اسودت فهي سوداءُ مُظلمةٌ." ( ضعيف الترمذي- والموقوف أصح)  

قوله تعالى {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ} أي دنت وقربت من المتقين. قال الحسن : إنهم يقربون منها؛ لا أنها تزول عن موضعها. وكان عبدالرحمن بن زيد يقول : زينت : أزلفت؟ والزلفى في كلام العرب : القربة قال الله تعالى {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} (الشعراء ٩٠)، وتزلف فلان تقرب.

قوله تعالى {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ} يعني ما عملت من خير وشر. وهذا جواب {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} وما بعدها. قال عمر رضي الله عنه لهذا أجري الحديث. وروي عن ابن عباس وعمر رضي الله عنهما أنهما قرآها، فلما بلغا { علمت نفس ما أحضرت} قالا لهذا أجريت القصة؛ فالمعنى على هذا إذا الشمس كورت وكانت هذه الأشياء، علمت نفس ما أحضرت من عملها. وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله : " ما منكم مِن أحَدٍ إلَّا سيُكلِّمُه ربُّه عزَّ وجلَّ، ليس بينه وبينه تُرجُمانٌ، فيَنظُرُ عمَّن أيمنَ منه؛ فلا يَرى إلَّا شيئًا قَدَّمَه، ويَنظُرُ عمَّن أشأمَ منه؛ فلا يَرى إلَّا شيئًا قَدَّمَه، ويَنظُرُ أمامَه، فتَستقبِلُه النَّارُ، فمَن استطاعَ منكم أنْ يَتَّقيَ النَّارَ ولو بشِقِّ تَمرةٍ؛ فليَفعَلْ" ( البخاري ومسلم)

وقال ابن زيد عن ابن عباس في قوله تعالى {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} إلى قوله {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ} اثنتا عشرة خصلة : ستة في الدنيا، وستة في الآخرة. 

اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار


No comments:

Post a Comment