Monday 25 January 2021

الطهارة ج 5 آداب دخول الخلاء

  

الإسْتنجاء وآدابُه

 

معنى الإستنجاء في اللغة: هو إزالة النجاسة أو تخفيفها عن مخرج البول أو الغائط. مأخوذ من النَّجاء وهو الخلاص من الأذى، أو النجوة: وهي المرتفع عن الأرض، أو النجو: وهو الخُرْء، أي ما يخرج من الدبر.

سمي بذلك شرعاً: لأن المستنجي يطلب الخلاص من الأذى ويعمل على إزالته عنه، والإرتفاع عنه بالطهارة 

حكمه: وهو فرض واجب للعبادات التي تستوجبه. وقد دل على ذلك قول الرسول كما سيأتي

ما يُستنجي به:

أولا: يجزيء الاستنجاء بالماء المطلق، وهو الأصل في التطهير من النجاسة 

ثانياً:  ويجزيء بكل جامد خشن يمكن أن يزيل النجاسة، كالحجر والورق ونحو ذلك

ثالثاً:  وهو الأفضل أن يستنجي أولاً بالحجر أو الورق ونحوه، ثم يستعمل الماء

 لأن الحجر يزيل عين  النجاسة والماء بعده يزيل أثرها دون أن يخلطها

وأن أقتصر على أحدهما فالماء أفضل، لأنه يزيل العين والأثر، بخلاف غيره

 وأن أقتصر على الحجر ونحوه، فيشترط أن يكون المستعمل جافاً، وأن يستعمل قبل أن يجف الخارج من القبل أو الدبر، وأن لا ينتقل عن المحل الذي أصابه أثناء خروجه وينتشر حوله. كما يشترط أن لا تقل المسحات عن ثلاثة أحجار، أو قطع من الورق أو ما ينوب منابها، فإن لم ينظف المحل زيد عليها، ويسن أن يجعل وتراً، أي ينظف عدد فردي من المرات، كخمسة أو سبعة، ونحوها

 

روى البخاري ومسلم: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ يَدْخُلُ الخَلاءَ فأحْمِلُ أنا، وغُلامٌ نَحْوِي، إداوَةً مِن ماءٍ، وعَنَزَةً فَيَسْتَنْجِي بالماءِ." ( صحيح مسلم)

[الخلاء: مكان قضاء الحاجة -  إداوة: إناء صغير من جلد -  عنزة: الحربة القصيرة، تركز ليصلى إليها كسترة -  يستنجي: يتخلص من أثر النجاسة]ـ

وروى البخاري وغيره، عن ابن مسعود  قال: " أتى النَّبيُّ ﷺ الغائطَ فأمرَني أن آتيَهُ بثلاثةِ أحجارٍ"      

[الغائط: المكان المنخفض من الأرض تقضى فيه الحاجة، ويطلق على ما يخرج من الدبر]ـ

وروى أبو داود  وغيره، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: " إذا ذهَبَ أحَدُكم إلى الغائطِ فلْيَذهَبْ معه بثلاثةِ أحجارٍ يَستطيبُ بهنَّ، فإنَّها تجزئُ عنه "ـ( صحيح أبي داوود)

[يستطيب: يستنجي، سمي بذلك لأن المستنجي يطيب نفسه بإزالة الخبث عن المخرج]

وروى أبو داود  والترمذي  وابن ماجه  عن أبي هريرة  عن النبي قال: " نزلت هذه الآية في أهل قباء: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة 108]ـ

قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية " يمدحهم الله تعالى فيهاـ

روى مسلم  عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، عن رسول الله قال: " نهانا أن يستنجي أحدُنا بيمينه، ويستقبلَ القبلةَ، وقال : لا يستنجي أحدُكم بدون ثلاثةِ أحجارٍ "ـ     { ليس بأقل من ثلاثة جوامد طاهرة ]

وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله قال: " مَن تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، ومَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ."

 [استجمر: مسح بالجمار وهي الأحجار الصغيرة- ومثلها مناديل الورق الجافة ـ]ـ

ما لا يستنجي به:

لا يصح الاستنجاء بما كان نجس العين أو متنجساً لأنه ربما زاد في أثر النجاسة بدل تخفيفه

روى البخاري  عن عبدالله بن مسعود  قال: أَتَى النبيُّ الغَائِطَ فأمَرَنِي أنْ آتِيَهُ بثَلَاثَةِ أحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، والتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أجِدْهُ، فأخَذْتُ رَوْثَةً فأتَيْتُهُ بهَا، فأخَذَ الحَجَرَيْنِ وأَلْقَى الرَّوْثَةَ وقالَ: هذا رِكْسٌ. [ الركس: النجس. روثة: براز الحيوان مأكول اللحم وغيره]ـ

ويحرم الاستنجاء بما كان مطعوماً لأدمي كالخبز وغيره، أو مطعوما لجنّي كالعظم.

آداب الاستنجاء وقضاء الحاجة:

هناك آداب يطلب من المسلم أن يراعيها عند القيام بقضاء حاجته واستنجائه وهي:ـ

1ـ ما يتعلق بالمكان الذي يقضي فيه حاجته: فإنه يجتنب التبول والتغوط في

طريق الناس أو المكان الذي يجلسون فيه، لما فيه من الأذى لهم

روى مسلم وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي قال: " اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ"  قالوا: وَما اللَّعَّانَانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ في ظِلِّهِمْ."ـ

[اللاعنين: الأمرين الجالبين الّلعن]ـ

أو تحت الشجرة المثمرة، صيانة للثمر عن التلويث عند وقوعه سواء كان مأكولاً أو منتفعاً به لئلا تعافه النفس

الماء الراكد: لما ينتج من تقزز النفس منه إن كان كثيراً لا تغيره النجاسة، ومن إضاعته إن كانت النجاسة تغيره، أو كان دون القلتين

روى مسلم  وغيره عن جابر عن النبي :(أنَّه نَهَى أنْ يُبالَ في الماءِ الرَّاكِدِ)ـ والتغوط أو التبرز أقبح وأولى بالنهي       

2ـ ما يتعلق بالدخول إلى قضاء الحاجة والخروج منه، فيستحب لقاضي الحاجة:ـ

 أن يقدم رجله اليسرى عند الدخول، ويمناه عند الخروج لأنه الأليق بأماكن القذر والنجس

ولا يحمل اسم الله تعالى ومثله كل اسم معظم.

كما يسـتحب له أن يقول الأذكار والأدعيـة التي ثبتت عـن رسـول الله ، قبل دخول الخلاء وبعد الخروج منه:

فيقول قبل الدخول: " باسمِ اللهِ، اللَّهمَّ إنِّي أَعُوذُ بك مِنَ الخُبْثِ والخَبائِثِ" [رواه البخاري  ومسلم]ـ

[الخُبُث: جمع خَبيث. والخبائث: جمع خبيثة، والمراد ذكور الشياطين وإناثهم]

وبعد الخروج : عن أنس بن مالك: "كان إذا خرج ﷺ من الخلاءِ قال: " الحمدُ للهِ الذي أَذْهَبَ عني الأذى وعافاني." [رواه السيوطي في الجامع الصغير، وصححه]

3ـ ما يتعلق بالجهة: يحرم على قاضي الحاجة أن يستقبل القبلة أو يستدبرها،{ أي لا يكون موجها وجههه للقبلة، ولا يعطيها ظهره} إن كان في الفضاء، ولكن إن كان في بناء فلا يحرم ، ولكن يستحب لمن بنى لنفسه بيتا أن يراعي ذلك.

روى البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي ﷺ قال: "إذا أتَيْتُمُ الغائِطَ فلا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، ولا تَسْتَدْبِرُوها ببَوْلٍ ولا غائِطٍ، ولَكِنْ شَرِّقُوا، أوْ غَرِّبُوا. قالَ أبو أيُّوبَ: فَقَدِمْنا الشَّامَ فَوَجَدْنا مَراحِيضَ قدْ بُنِيَتْ قِبَلَ القِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ عَنْها ونَسْتَغْفِرُ اللَّهَ."

كما عليه أن يتخذ ساتر مرتفع يستر عورته حال قضاء حاجته

4ـ ما يتعلق بحال قاضي الحاجة: أن يعتمد في جلوسه على يساره ولا ينظر إلى السماء ولا إلى فرجه ولا إلى ما يخرج منه لأنه لا يليق بحاله

 ويكره لقاضي الحاجة الكلام وغيره أثناء قضائها.

وروى أبو داود وغيره، عن أبي سعيد  قال: سمعت النبي ﷺ يقول: " لا يخرُجِ الرجُلانِ يَضرِبانِ الغائطَ كاشِفَينِ عن عَوْرَتِهما يَتحدَّثانِ، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَمقُتُ على ذلك" (ضعيف)    [يضربان: يأتيان. يمقت: يغضب]ـ

ويقاس على الكلام غيره كالأكل والشرب والعبث، ونحو ذلك

 

5ـ الاستنجاء باليسار: يستعمل قاضي الحاجة شماله لتنظيف المحل، ويمسك بالماء بيده اليمنى  

روى البخاري  ومسلم عن أبي قتادة ، عن النبي قال: " إذا بالَ أحدُكم فلا يمسَّ ذَكرَهُ بيمينِهِ ولا يَستَنجِ بيمينِهِ "ـ( صحيح ابن ماجة)

 

No comments:

Post a Comment