Thursday, 17 April 2014

تدبر آية من القرآن العظيم - الحزب السادس عشر ج 2 ؛ إنما حرم ربي الفواحش




تدبر آية من القرآن العظيم – الحزب السادس عشر ج 2- حرم ربي الفواحش 

قال تعالى :
 ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّ‌مَ رَ‌بِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ‌ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ‌ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِ‌كُوا بِالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33 ) الأعراف

أكرم الله تعالى هذه الأمة بدينه ، وحباها برسالته قامت على دعائم قوية إذا اعتنت بترسيخها قويت عزيمتها وارتفع لواؤها وعز جاهها، وإذا فرطت في تلك الدعائم فعصت ربها وخالفت سنة نبيها هانت على عدوها
 وإن من دعائم الإسلام تحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

قال تعالى: [ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّ‌مَ رَ‌بُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِ‌كُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْ‌زُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَ‌بُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ‌ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّ‌مَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ( 151 سورة الأنعام )

تعريف الفواحش
الفواحش: كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي، وكل خصلة قبيحة فهي فاحشة، والفحش والفحشاء والفاحشة: القبيح من القول والفعل، وجمعها الفواحش
 ومنه قول النبي لعائشة حين ردت على اليهود الذين دخلوا على النبي فقالوا: السام عليك يا محمد- يعنون بالسام: الموت- فقال لهم النبي : "وعليكم". فقالت عائشة رضي عنها: ( عليكم السام واللعنة وغضب الله عليكم) . فقال لها النبي : "لا تقولي ذلك يا عائشة، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفاحش".

فأراد النبي بالفحش التعدي في القول، مع أن عائشة رضي الله عنها لم تذكرهم إلا بما هم عليه وبما وصفهم الله عز وجل به وحكم عليهم به من الغضب واللعنة.

وأصل الفحش الزيادة والكثرة، ولهذا يقرر الفقهاء أنه يُعفى عن يسير النجاسة التي لا يمكن التحرز منه، ولا يعفى عما فحش منها أي كثر.

وفي القرآن الكريم: ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة.)  [النجم:32].
ففرق الله بين كبائر الإثم والفواحش وبين اللمم، فجعل كبائر الإثم والفواحش لما فحش، وجعل اللمم لما صغر.
وكثيرًا ما ترد الفاحشة بمعنى الزنى، قال تعالى: ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم)  [النساء:15].
وقال تعالى:( فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) [النساء: 25].
وقال تعالى: ( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا)  [الإسراء 32].
واختلفوا في معنى قول الله تعالى: [لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة] [الطلاق 1]، فقيل المراد بالفاحشة: الزنى، وقيل: البذاء وسلاطة اللسان، والمعنى يعمهما.

التبرج والعري من الفواحش التي نهانا الله عنها

لما ذكر الله  لباس التقوى خير لباس يتجمل به العبد ، ثم اقرأ معي كيف جعله الله ينزعه عمن نزع عن نفسه اللباس الساتر للعورات كما ذكر ربنا في كتابه الكريم: ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِ‌ي سَوْآتِكُمْ وَرِ‌يشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ‌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُ‌ونَ ( 26 ) يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَ‌جَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِ‌يَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَ‌اكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَ‌وْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) 27 ( الأعراف )
وهذا بيان من الله تعالى على أن العري من الفحش الذي يأمر به الشيطان ويدعو إليه، ويحرمه الله تعالى.

ومن الفحش : إبْدَاءَ فِعْلِ النِّكَاحِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ فهذا أيضا ُيسَمَّى فَحْشَاءَ وَتَفَحُّشًا فَكَشْفُ الْأَعْضَاءِ وَالْفِعْلُ لِلْبَصَرِ كَكَشْفِ ذَلِكَ لِلسَّمْعِ.وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَشْفَيْنِ يُسَمَّى وَصْفًا كَمَا قَالَ عَلَيْهِ : (لا تباشرُ المرأةُ المرأةَ ، فتنعتَها لزوجِها كأنَّه ينظرُ إليها) البخاري، وَيُقَالُ : فُلَانٌ يَصِفُ فُلَانًا ، وَثَوْبٌ يَصِفُ الْبَشَرَةَ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْفَاحِشَةَ تَتَنَاوَلُ الْفِعْلَ الْقَبِيحَ وَتَتَنَاوَلُ إظْهَارَ الْفِعْلِ وَأَعْضَاءَهُ ، وقد يكونُ الفُحْشَ عَقْدُ نِكَاحٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
 (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا)النساء 22
 فَأَخْبَرَ أَنَّ هَذَا النِّكَاحَ فَاحِشَةً ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ هَذَا مِنْ الْفَوَاحِشِ الْبَاطِنَةِ فَظَهَرَ أَنَّ الْفَاحِشَةَ تَتَنَاوَلُ الْعُقُودَ الْفَاحِشَةَ كَمَا تَتَنَاوَلُ الْمُبَاشَرَةَ بِالْفَاحِشَةِ .

مفهوم خاطئ

إن منهج الناس في قصر مفهوم الفاحشة على جريمة الزنى يجعلهم يعتادون الفواحش ولا ينكرونها: ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّ‌مَ رَ‌بِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ‌ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ‌ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِ‌كُوا بِالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)الأعراف 32
ولهذا لما اعتاد قوم لوط الفاحشة ، لم يستحيوا من ارتكابها: ( ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون) ( النمل: 54) أي تبصرون وتعلمون أنها فاحشة ، ولكنكم تفعلونها  ويرى بعضكم بعضاً وتأتون في ناديكم المنكر .

وها هي الحضارة المعاصرة تشجع على أن تشيع الفاحشة!

اللواط من أبشع الجرائم وأقبحها، وهو لوثة أخلاقية، ومرضٌ خطير، وهاهم يقرونه ، بل ويشجعون عليه لإفساد الأبناء منذ نعومة أظفارهم، ليعتادوه ، فلا ينكرونه لاحقا ، وبل ويستمرئونه ، ويستحلونه!!!!ـ

الشيطان هو من يأمر بالفحشاء ويشجع عليها:

قال تعالى: ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين *إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) [البقرة: 168- 169].

دين الإسلام دين قويم، يأمر بكل جميل، وينهى عن كل قبيح

قال تعالى: ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون )
 
وهذه الآية جامعة لجميع المأمورات، والمنهيات، لم يبق شيء إلا دخل فيها، فهي قاعدة ترجع إليها سائر الجزئيات، فكل مسألةٍ مشتملةٍ على عدلٍ أو إحسان، أو إيتاء ذي القربى، فهي مما أمر الله به، وكل مسألة مشتملة على فحشاءٍ أو منكرٍ أو بغي، فهي مما نهى الله عنه فتبارك من جعل من كلامه الهدى والنور، والفرقان بين جميع الأشياء

الغيرة من ارتكاب الفواحش

الغيرة على الأعراض من كريم الأخلاق ومحاسن الشيم التي يتحلى بها أصحاب الفطر السليمة والنفوس المستقيمة.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّه : "لا أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش وما أحد أحب إليه المدح من الله". [متفق عليه].
وفي رواية عن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مُصْفَحٍ، فبلغ ذلك رسول الله  فقال: ( أتعجبون من غيرة سعد، واللهِ لأنا أغيرُ منه، واللهُ أغيرُ مني، ومن أجل غيرة اللهِ حَرَّمَ الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحبُ إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ولا أحدَ أحبُ إليه المِدْحَةُ من الله، ومن أجل ذلك وعد الجنة ). [البخاري كتاب التوحيد باب: لا شخص أغير من الله].

التفحش ليس من أخلاق المؤمنين

عن عبد الله بن عمرو قال: ( لم يكن النبي فاحشًا ولا متفحشا، وكان يقول: إن من خياركم أحاسنكم أخلاقًا ).[رواه البخاري ومسلم]
قال رسول الله : ( إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاءَ فحشه) [متفق عليه]

التوبة من الفواحش

قال تعالى: ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُ‌وا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُ‌وا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ‌ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّ‌وا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) (آل عمران:135).
فسبحان من يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار، وسبحان من يبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل، لقد ضمن الله عز وجل لمن تاب من الشرك وما دونه من الكبائر المغفرة والرحمة، وهذا حكم عام لكل تائب من كل ذنب.

فهل من توبة وعودة إلى شرع الله؟

فشريعة الإسلام تكفل للأمة أمنها وتضمن لها استقرارها فهل من توبة وعودة إلى الله لتستقيم بها حياتنا، ونستمطر بها رحمة ربنا، فننهض من سباتنا لنستأنف دورنا في قيادة البشرية من جديد، وننشر الطهر في العالمين؟ هذا ما نأمله ونرجوه .

No comments:

Post a Comment