Thursday, 10 April 2014

سلسلة الفقه الميسر - الدرس الثالث ( 3 )- فقه العبادات ، الطهارة وما يطهر به .





سلسلة الفقه الميسر – ج 3 – فقه العبادات ؛ البداية : الطهارة – معناها ، وما يطهر به  

معنى الطهارة: 

الطهارة لغة: هي النظافة ، وهي ضد النجاسة، وليست ضد القذارة ، فالقذارة ضدها النظافة .

  فالطهارة لغة: هي التخلص من الأدناس والأنجاس الظاهرة والباطنة .

والطهارة شرعاً: فعل ما تستباح به الصلاة – أو ما في حكمها- كالوضوء لمن كان غير متوضئ، والغسل لمن وجب عليه الغسل، وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن والمكان.
وذلك للوقوف بين يدي الله طاهراً نظيفاَ، لأن الإنسان في صلاته يخاطب ربه ويناجيه، فهو فأولى له أن يكون طاهر الظاهر والباطن نظيف القلب والجسم، لأن الله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين.

 فالطهارة  هي : طهارة( معنوية ) وهي طهارة الباطن،هي طهارة القلب والعقل من عيوب الإعتقاد من الشرك والشبهات ومن العيوب الخُلُقية  مثل الحقد والحسد .
 فيقال : تطهر من الحسد: أي تخلص منه. 

 وطهارة حسية ( طهارة الظاهر) وهي نظافة الجسد، وكل ما حوله من الحسيات مثل الملابس والبدن والمكان، لأن الله تعالى يحب التوابين ( الباطن ) ويحب المتطهرين ( الظاهر )

عناية الإسلام بالنظافة والطهارة: 

لقد اعتنى الإسلام بالطهارة والنظافة عناية تامة، ويظهر ذلك مما يلي:
1- أنه جعل الطهارة نصف الإيمان، فقال : " الطُّهور شَطْرُ الإيمان" (أخرجه مسلم )

2- أنه أمر بالوضوء لأجل الصلاة كل يوم عدة مرات. قال الله تعالى:ـ
(  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) ( المائدة:6)

3- أنّه حضُّ على الغسل في كثير من المناسبات، منها ما هو واجب مثل غسل الجنابة ، أو الحيض أو النفاس ، أو مستحب : مثل غسل الجمعة أوالعيدين أو  الإحرام وغيره ، قال تعالى: ( وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ )   (المائدة:6)  ـ
 وقال رسول :" لله عَلَى كلَّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فيِ كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامِ يَوْماً يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسِهُ وَجَسَدَهُ" (رواه البخاري، ومسلم)ـ

4- أنّه أمر بقص الأظافر، ونظافة الأسنان، وطهارة الثياب، قال رسول الله :  "خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ : الْخِتان، والاسْتِحْدَاد، َوَنْتفُ الإِبط، وَتَقْليمُ الأْظافِر، وَقَصُّ الشَّاربِ"   (رواه البخاري، ومسلم)
 وقال :( لّوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلى أُمَّتي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّواكِ عِنْدَ كلِّ صَلاَةٍ)ـ ( رواه البخاري، ومسلم ) ـ
[ الاستحداد: هو استعمال الموسى في حلق العانة]ـ

وقال تعالى: ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) (المدثر:4)       
 وقال النبي لأصحابه:ـ
( إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلى إِخْوَانِكُمْ، فَأَصْلِحوا رِحَالَكُمْ، وَاَصْلِحُوا لباسَكم، حتى تكونوا كأنكم شامةٌ في الناس، فإن اللهَ لا يحبّ الفُحْشَ وَلا َالتَّفَحُّشَ)  [ رواه أبو داود]ـ  
وقال تعالى:( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) [ البقرة:222]ـ

ما يطهر به النجاسة :

الماء هو المطهر العام لكل شيء ، ولا يطهر النجاسة عموما إلا الماء ، ويسمى الماء الذي يطهر غيره – ماءً طهور - 

المياه التي يُطهر بها:

المياه: جمع ماء، وهي ماء السماء، وماء البحر، وماء البئر، وماء النهر، وماء العين، وماء الثلج  
وهذه المياه هي اما : ما نزل من السماء ، أو نبع من الأرض، ودليل كل منها :
من القرآن الكريم :

 قوله تعالى: ( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً ) [ الفرقان :48]  وقال تعالى: ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ ) [ الأنفال :11]ـ

 ومن السنة النبوية الشريفة :

  روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله فقال: يَا رَسولَ اللهِ، إنَّا نَرْكَبُ البَحْرَ، وَنَحمِلُ مَعَنا القَليلَ مِنَ المَاءِ، فَإنْ تَوَضَّأْنا بهِ عَطِشْنَا، أَفَتَوَضَّأُ بِماءِ البَحْرِ؟ فقال رسول الله: " هُوَ الطَّهُورُ ماُؤهُ الحِلُّ مَيتَتُهُ" [ رواه الخمسة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح] أي ماء البحر طهور ( طاهر بذاته ، مطهر لغيره )ـ
[ الحل ميتته: أي يؤكل ما مات فيه من سمك ونحوه بدون ذبح شرعي]ـ
وفي دعاء الإستفتاح قال رسول الله

( اللهم بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كما بَاعَدْتَ بين الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللهم نَقِّنِي من الْخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ من الدَّنَسِ اللهم اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ
(البخاري ) ويؤخذ منه  أن الماء من الثلج والبرد أيضا طهور . 

الماء الطهور: 

الماء الطهور : هو الماء الطاهر بذاته ، المطهر لغيره
 والماء الطهور: كل ماء نقي، ليس له طعم أو لون أو رائحة .
 إذا خالط الماء الطهور شيء : فإمّا أن يكون المخالط  له :
-  طاهر : مثل ماء الورد ، عصير ، بحيث يغير لونه أو طعمه أو رائحتة فالناتج خرج عن كونه ماء لتغير صفاته ،فلا يصح التطهر به،  ولكنه مازال طاهراً في ذاته بحيث يصح استعماله في غير الطهارة كالشرب، والطبخ وغير ذلك ، لكنه ليس مطهرا لغيره.

- أما إذا خالطه نجس: فالماء ينجس إذا غيرت النجاسة أحد أوصافه. الثلاثة: اللون، أو الطعم، أو الرائحة
ودليله الإجماع، فقد  أجمعوا على  أن الماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة، فغيرت طعمه أو لونه أو رائحته  صار نجساً لا يصح استخدامه لا في أكل أو شرب أو تطهير  أما إذا كان الماء كثير بحيث لم  تغير النجاسة المخالطة له أوصافه الثلاث فإنه لا ينجس ويبقى على طهوريته .

No comments:

Post a Comment