Saturday 17 January 2015

سلسلة الفقه الميسر – الدرس الرابع والعشرون – إعادة الصلاة وقضائها



 

 
 إعادة الصلاة وقضائها:


أما الإعادة:
فهي أن يؤدي صلاة من الصلوات المكتوبة، ثم يرى فيها نقصاً أو خللً في الآداب أو المكملات، فيعيدها على وجه لا يكون فيها ذلك النقص أو الخلل.
وحكمها: الاستحباب.( عند الشافعية )
 أما في حال أن يكون قد صلى الظهر منفرداً، ثم يدرك من يؤدي هذه الصلاة جماعة، فيسن أن يصلي معه، والفرض بالنسبة له هو الصلاة الأولى، وتقع الثانية نافلة.
روى الترمذي :ـ  إنه صلى الصبح فرأى رجلين لم يصليا معه فقال: ( ما منعكم أن تصليا معنا؟ ) فقال: (  يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا )  قال: " فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم، فإنها لكما نافلة".
[ رحالنا: منازلنا ومساكننا].
أما إذا لم يكن في الأولى خلل أو نقص، ولم تكن الصلاة أتم من الأولى، فلا تسن الإعادة.
[ هذا الرأي للشافعية ، وهنا فتوى للهيئة العامة للإفتاء في عدم استحباب إعادة الصلاة  المفروضة:ـ
أسأل فضيلتكم عن الخشوع في الصلاة، فإذا شعر أنه لم يخشع في صلاته ، فهل يستحب أن يعيدها ؟                   
 الإجابــة:
فاعلم أن حديث النفس ولو طال في الصلاة لا يبطلها، وأن عروض الفكر للمصلي في أثنائها لا يؤثر في صحتها، وأن الخشوع فيها والإقبال عليها مستحب بل هو من آكد المستحبات ولكن الإخلال به ليس مبطلا للصلاة، وقد دلت على ذلك أحاديث كثيرة.
وقد نقل الإجماع على أنها لا تبطل، وأما الكراهة فمتفق عليها  
ومما استدلوا به على أنها لا تبطل بالفكر حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به. رواه البخاري ومسلم. وعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه: قال: صليت مع النبي العصر فلما سلم قام سريعا ودخل على بعض نسائه ثم خرج ورأى في وجوه القوم من تعجبهم لسرعته فقال: "ذكرت وأنا في الصلاة تبرا عندنا فكرهت أن يمسي أو يبيت عندنا فأمرت بقسمته. رواه البخاري. انتهى.
ومن الأدلة على ذلك أيضا قول النبي في الإنبجانية: إنها ألهتني آنفا في صلاتي. وقوله في قرام عائشة: فإن تصاويره لم تزل تعرض لي في صلاتي. ونحو ذلك من الأدلة الدالة على أن عروض الفكر في أمور الدنيا أثناء الصلاة لا يفسدها.
فلا تعاد الصلاة ما دامت قد استوفت شروطها وأركانها، فقد صح عن النبي أنه نهى عن إعادة الصلاة في يوم مرتين. أخرجه النسائي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. فهذا الحديث عام ولا يستثنى منه إلا ما خصه الدليل كإعادة الصلاة في جماعة.
 قال في فيض القدير: لا تصلوا صلاة مرتين في يوم : أي ولا تقضوا الفرائض لمجرد مخافة الخلل في المؤدى.
والأفضل أن يجبر المصلي ما يحصل من خلل فيها أو نقص بالإكثار من النوافل فإنها تجبر نقص الفرائض، فقد قال : إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر، وإن انتقص من فريضته قال الرب: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك. رواه الترمذي وقال حسن غريب ،عن أبى هريرة رضي الله عنه.
وأما القضاء:
فهو تدارك الصلاة بعد خروج وقتها، أو بعد أن لا يبقى من وقتها ما يسع ركعة فأكثر وإلا فهي أداء كما قدمنا سابقاً.
وقد اتفق جمهور العلماء من مختلف المذاهب على أن تارك الصلاة يكلف بقضائها، سواء تركها نسياناً أم عمداً، مع الفارق التالي: وهو أن التارك لها بعذر كنسيان أو نوم لا يأثم، ولا يجب عليه المبادرة إلى قضائها فوراً، أما التارك لها بغير عذر- أي عمداً – فيجب عليه – مع حصول الإثم – المبادرة إلى قضائها في أول فرصة تسنح له.
ودليل وجوب القضاء للصلاة المتروكة قوله : "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك" (رواه البخاري ومسلم )
فقوله: " لا كفارة لها إلا ذلك" : يدل على أنه لا بد من قضاء الفرائض الفائتة، مهما كثر عددها أو بعد زمانها.
هل يأثم من فاتته صلاة بسبب النوم؟
فإذا اتخذت الوسائل المعينة على الاستيقاظ للصلاة كالمنبه والجوال ونحو ذلك، ثم غلبتك عيناك، فلا إثم عليك؛ لقوله : إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة، أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها. رواه الترمذي وغيره.
على من تجب الصلاة ؟
تجب الصلاة على كل مسلم ذكراً أو أنثى، بالغ عاقل طاهر.
فلا تجب على كافر، وجوب مطالبة بها في الدنيا، لعدم صحتها منه، لكن تجب عليه وجوب عقاب عليها في الآخرة، لتمكنه من فعلها بالإسلام، ودليل ذلك قوله تعالى:(ما سلككم في سقر* قالوا لم نك من المصلين* ولم نك نطعم المسكين* وكنا نخوض مع الخائضين* وكنا نكذب بيوم الدين* حتى أتانا اليقين ) (المدثر:42-47).
[ سلككم: أدخلكم وحبسكم. سقر: جهنم، يقال: سقرته الشمس لوحت جلده وغيرت لونه. نخوض: نتكلم الباطل ونفعله. اليقين: الموت، أو الإطلاع على الحقيقة بيوم القيامة] .
ولا تجب على صبي صغير لعدم تكليفه، ولا على مجنون لعدم إدراكه، ولا على حائض أو نفساء لعدم صحتها منهما، لقيام المانع منها وهو الحدث فيهما.
وإذا أسلم الكافر فإنه لا يكلف قضاء ما فاته ترغيباً له في الدين، ولقوله تعالى: ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) (الأنفال:38).
-        إلا المرتد فيلزمه قضاء ما فاته أيام ردته بعد إسلامه تغليظاً عليه.
-        ولا يجب قضاء ما فات الحائض والنفساء من الصلاة أيام الحيض والنفاس، أن في وجوب القضاء مشقة عليهما.
-        وكذلك لا يجب القضاء على المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا من الجنون والإغماء، ودليل ذلك قوله رسول الله : "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يعقل" (رواه أبو داود،وغيره). [ يحتلم: يبلغ].
فالحديث ورد في المجنون، وقيس عليه كل من زال عقله بسبب عذر فيه، وإنما وجب القضاء على النائم بالحديث الذي مر سابقاً: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها".
-        ويجب أن يؤمر الصبي بالصلاة بعد استكماله سن السابعة، ويضرب على تركها إذا بلغ عشر سنين تعويداً له على الصلاة.
قال رسول الله :"مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشراً فاضربوه عليها"(رواه أبو داود ، والترمذي، ولفظه : "علموا الصبي". وقال: حديث حسن صحيح) .

No comments:

Post a Comment