Friday 23 January 2015

شرح دعاء - اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك



  




هذا حديث عظيم اشتمل على هذه الجمل الأربع:

( اللَّهم إنِّي أَعوذُ بِكَ مِنْ زَوالِ نَعْمَتِكَ وَتَحَُولَ عافِيَتكَ وفَجاءَةَ نِقْمَتك - والفجاءة وفجأة - وجَميعَ سَخَطِك (.

وأعظم النعم نعمة الإسلام، وهذا يشمل جميع النعم التي ينعم الله بها على العبد، فيسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيده منها، وأن يمده منها قال الله عز وجل: ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)  والشكر للنعم يزيدها، وأعظم النعم نعمة الإسلام، ولهذا يشرع للعبد أن يسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبته عليه، وأن يزيده منه، بأن يحمد الله سبحانه وتعالى على ذلك، وأن يشكره وأن يثني عليه سبحانه وتعالى.

 شرح مفردات الحديث :
قوله: ( اللهم إنِّي ) يعني يا الله، والميم عوض عن يا النداء في قوله: يا الله.


قوله: (من زوال نعمتك): النعمة: كل ملائم تحمد عاقبته، أي النعم الظاهرة والباطنة؛ لأنه مفرد مضاف يفيد العموم.
قوله: (تحوّل عافيتك): أي تبدل العافية بضدها من عافية إلى مرض وبلاء, والفرق بين الزوال والتحوّل, أن الزوال: ذهاب الشيء من غير بدل.
والتحوّل: إبدال الشيء بالشيء كإبدال الصحة بالمرض، والغنى بالفقر.
قوله: (فجاءة نقمتك): الفجأة: البغتة، والنقمة: العقوبة .
(وجميع سخطك): السخط: الكراهية للشيء، وعدم الرضا به، وهي صفة من صفات اللَّه الفعلية العظيمة التي تليق به جلّ وعلا، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(سورة الشوري 11)

الشرح:

قوله: (اللَّهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك): أي إني يا رب ألتجئ إليك من ذهاب جميع نعمك الظاهرة والباطنة، الدنيوية والأخروية ما علمتها، وما لم أعلمها؛ لأن نعمك لا تُحصى، ولا تُعدُّ (استعاذ النبي  صلى الله عليه وسلم من زوال نعمته؛ لأن ذلك لا يكون إلا عند عدم شكرها)  فتضمّنت هذه الاستعاذة المباركة التوفيق لشكر النعم، والحفظ من الوقوع في المعاصي؛ لأنها تزيل النعم، قال اللَّه سبحانه وتعالى ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ( سورة أبراهيم 7 )
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّه لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ( الرعد 11)
وقال جلّ شأنه: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ( الشورى 30)
قوله: (وتحول عافيتك): أي أعوذ بك يا اللَّه من تبدّل العافية التي أعطيتني إياها، وهي السلامة من الأسقام والبلاء والمصائب، إلى الأمراض والبلاء، فتضمّنت أيضاً هذه الاستعاذة سؤال اللَّه دوام العافية وثباتها، والاستعاذة به عز وجل من تحوّل العافية؛ لأن بزوالها تسوء عيشة العبد، فلا يستطيع القيام بأمور دنياه ودينه، وما قد يصاحبه من التسخط وعدم الرضا وغير ذلك .
قوله: (وفجأة نقمتك): أي أعوذ بك من العقوبة، والانتقام بالعذاب مباغتة، دون توقع وتحسب، وخُصَّ فجاءت النقمة بالاستعاذة؛ لأنها أشد وأصعب من أن تأتي تدريجياً، بحيث لا تكون فرصة للتوبة.
قوله: (وجميع سخطك): أي ألتجئ وأعتصم إليك أن تعيذني من جميع الأسباب الموجبة لسخطك جلّ شأنك؛ فإنّ من سخطت عليه فقد خاب وخسر، ولو كان في أدنى شيء، وبأيسر سبب؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم  (وجميع سخطك) ، فهي استعاذة من جميع أسباب سبحانه وتعالى من الأقوال والأفعال والأعمال، (وإذا انتفت الأسباب المقتضية للسخط حصلت أضدادها وهو الرضى)  



No comments:

Post a Comment