Monday 9 June 2014

تدبر آيات من القرآن العظيم - الحزب 24 ، سورة هود - فضائل الصلاة والتأكيد على إقامتها






قال تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَ‌فَيِ النَّهَارِ‌ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ 

السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَ‌ىٰ لِلذَّاكِرِ‌ينَ) ( سورة هود114) 

في أسباب النزول : 

عن ابن عباس: أن رجلاً أتى عمر فقال له: إن امرأة جاءتني تبايعني فأدخلتها الدَّوْلَجَ، فأصبت منها كل شيء إلا الجماع، قال: ويحك بَعْلها مُغَيَّبٌ في سبيل الله؟ قلت: أجل، قال: ائت أبا بكر. [فأتاه] فقال [مثل] ما قال لعمر، ورد عليه مثل ذلك، وقال: ائت رسول الله فاسأله. فأتى رسول الله ، فقال مثل ما قال لأبي بكر وعمر، فقال رسول الله : (بعلها مغيب في سبيل الله؟)  فقال: نعم. فسكت عنه، ونزل القرآن: ( أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ)  فقال الرجل: ألي خاصّةً يا رسول الله أم للناس عامة؟ فضرب عمر صَدْرَه وقال: لا ولا نَعْمَةَ عينٍ، ولكن للناس عامةً. فضحك رسول الله ، وقال: صدق عمر 
.
وفي رواية : - في سبب نزول الآية ( إن الحسنات يذهبن السيئات ..) روى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله فقال: ( يا رسول الله إني وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم اجامعها ، قبلتها ولزمتها ولم أفعل غير ذلك ، فافعل بي ما شئت ، فلم يقل رسول الله شيئا ، فذهب الرجل ، فقال عمر : لقد ستر الله عليه ولو ستر على نفسه ، فاتبعه رسول الله بصره ، ثم قال ( ردوه علي ) فردوه عليه ، فقرأ عليه ( أقم الصلاة  طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات  ذلك ذكرى للذاكرين ) فقال معاذ : ( يا رسول الله  أله وحده أم للناس كافة ؟ ) قال : ( بل للناس كافة)ـ

الفوائد :

هنا دعوة من رب العالمين لعبادة الفائزين المفلحين بإجابة نداء ربهم ، يدعوهم إلى إقامة عماد الدين، الذي هو الحد الفاصل بين الإسلام والكفر ، الصلاة، فهي الصلة بين العبد وربه، والتي من رحمته بعباده جعلها متفرقة على أوقات الليل والنهار ، فليست هي تقام مرة واحدة في اليوم ، وبيقى العبد بقية النهار مقطوع الصلة بينه وبين الحق والنور !!  
هي الصلة التي جعلها الله تعالى طرفي النهار ، وزلفا من الليل ، وقد ورد كثير من آراء المفسرين في هذه الأوقات ، هل معنى طرفي النهار أي الصبح والعصر ، او هي الظهر والعصر ، وما المقصود بـ( زلفا من الليل ) هل هي المغرب والعشاء ؟
وفي رأيي كل أقوال المفسرين صحيحة ، فالأمر بإقامة الصلاة في خمس مرات في اليوم متفرقة بالشكل الذي بينها نبينا الكريم ، عن جبريل الذي جاءه في اليوم التالي للإسراء والمعراج بعد فرض الصلوات الخمس من فوق سبع سموات، يبين له المواقيت، وهو ما عمل به ، وعمل به صحابته من بعدة وأمة المسلمين في أثرهم
وفي هذه الآية تأكيد على أن الصلوات موزعة على أوقات الليل والنهار بالتساوي
 نعم خمس صلوات اثنان في وضح النهار – الظهر والعصر – واثنان في الليل – المغرب والعشاء – وصلاة الفجر بين النهار والليل ، موعدها بعد طلوع الفجر من الليل إلى قبل طلوع شمس النهار !!
جاءت بهذا التوزيع  الرائع ، لتبقى الصلة بين العبد وربه هكذا طيلة الأوقات؛ونحن هنا نتكلم عن الصلوات المفروضة،  لا تنقطع كلما اخذت المسلم مشاغل الدنيا وأعماله الحياتية، وكاد يبعده هذا عن ربه، يأتيه يوقت الصلاة التالية تجذبه مرة أخرى، تعال إلى ربك استعن به، يعينك واستهيده يهديك،واسأله ما تريد ، اشك له ما أهمك يزيحه عنك ، ويريح كاهلك منه ،فهي متفرقة على جميع أوقات النهار، حيث يتقلب الإنسان في أحوال مختلفة فيها، وله في كل وقت مسالة وهما ورغبة، وهي من فضل ربنا سببا لمحو الذنوب والخطايا.  فللهِ الحمد على ما فرض وأمر مصلحة لعبادة، ليس كلفة للتضييق عليهم.

فالصلاة لها فضائل عظيمة وكثيرة، منها الفضائل الآتية:

- تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ قال اللَّه تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْـمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )( العنكبوت 45)
- أفضل الأعمال بعد الشهادتين؛ لحديث عبد اللَّه بن مسعود رضى الله عنه قال: سألت رسول اللَّه أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة لوقتها" قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: "برّ الوالدين" قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: "الجهاد في سبيل اللهِ"( متفق عليه )
- تغسل الخطايا؛ لحديث جابر رضى الله عنه قال: قال رسول اللَّه : (مثل الصلوات الخمس كمثل نهرٍ غمرٍ على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات)  رواه مسلم.
-نور لصاحبها في الدنيا والآخرة؛ لحديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي أنه ذكر الصلاة يومًا فقال: ( من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبيّ بن خلف) (مسند أحمد وإسناده حسن).
وفي حديث أبي مالك الأشعري  رضى الله عنه: (الصلاة نور)( مسلم )؛ ولحديث بريدة  رضى الله عنه  عن النبي أنه قال: "(بشر المشَّائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) ( ابو داوود والترمذي ، وصححه الألباني).
- يرفع الله بها الدرجات، ويحط الخطايا؛ لحديث ثوبان مولى رسول الله - عن النبي أنه قال له: (عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد للَّه سجدةً إلا رفعك اللَّه بها درجة، وحطَّ عنك بها خطيئة) (مسلم)
-من أعظم أسباب دخول الجنة برفقة النبي لحديث ربيعة بن كعب الأسلمي رضى الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: (سَلْ) فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: (أو غير ذلك؟) قلت: هو ذاك، قال: (فأعني على نفسك بكثرة السجود") (مسلم)
-المشي إليها تكتب به الحسنات وترفع الدرجات وتحط الخطايا؛ لحديث أبي هريرة  رضى الله عنه  قال: قال رسول اللَّه : (من تطهَّر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله؛ ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خَطْوَتاه إحداهما تحطُّ خطيئة، والأخرى ترفع درجة )( مسلم ) .
-وفي الحديث الآخر: ( إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب اللهٌ  له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عنه سيئة) ( أبو داوود )
- تُعدُّ الضيافة في الجنة بها كلما غدا إليها المسلم أو راح؛ لحديث أبي هريرة  رضى الله عنه  عن النبي : ( من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نُزُلاً كُلَّما غدا أو راح) ( متفق عليه ) والنزل ما يهيأ للضيف عند قدومه.
- تُصلّي الملائكة على صاحبها ما دام في مُصلاّه، وهو في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه؛ لحديث أبي هريرة  رضى الله عنه  قال: قال رسول الله: ( صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعًا وعشرين درجةً. وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد، لا ينهزه إلا الصلاة، لا يريد إلا الصلاة، فلم يخطُ خطْوَة إلا رُفِعَ له بها درجةً، وحُطَّ عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة تحبسه، والملائكة يُصلُّون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللَّهم ارحمه، اللَّهم اغفر له، اللَّهم تب عليه، ما لم يؤذِ فيه، ما لم يحدث فيه) ( متفق عليه )
- انتظارها رباط في سبيل الله؛ لحديث أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات) ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط) (مسلم)

ثانيا:ـ ما بيَّن تعالى في هذه الآية : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ..) إن الصلاة تغسل الخطايا

-عن أبي بكر رضي الله عنه قال إنه سمع رسول الله يقول : ( ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر الله ) ( مسند احمد ) ـ
- وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه توضأ لهم  كوضوء رسول الله ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله يتوضأ ، وقال :(من توضأ وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث بهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه )
-وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال :
( أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهراً غمراً يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيئاً ؟) قالوا : لا يا رسول الله ، قال كذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الذنوب والخطايا ) ـ
- وحديث أبي هريرة رضى الله عنه  أن رسول اللَّه قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر"( مسلم )
- تكفر ما قبلها من الذنوب؛ لحديث عثمان رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: ( ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يأتِ كبيرة، وذلك الدهر كلّه) ( مسلم ) .
-  يغفر اللهُ بها الذنوب فيما بينها وبين الصلاة التي تليها؛ لحديث عثمان رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: (لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء، فيصلي صلاة إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها) (مسلم).

ثالثا ً : وبالمثل أيضا فإن كل حسنة من الحسنات تكفر السيئات :

 وفي ما جاء من الحث على أن من ضعُفت نفسه وعمل سيئة أن يتبعها بأي حسنة فيتبعها ، فتمحو الحسنة السيئة
روى الأمام أحمد عن معاذ رضي الله أن رسول الله قال له : ( يا معاذ اتبع الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ) ـ
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله ، أوصني ، قال : ( إذا عملت سيئة فأتبها حسنة تمحها ) قال قلت: (  يا رسول الله ؛ أمن الحسنات لا إله إلا الله ؟ ) قال : ( وهي أفضل الحسنات )

اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا، ربنا وتقبل منا دعاءنا

No comments:

Post a Comment