Wednesday 11 June 2014

سلسلة الفقه الميسر - الدرس الثامن عشر - من موجبات الغسل :4- الموت










 من موجبات الغسل :
4 - المـوت

الموت موجب للغسل، لكن الوجوب هنا يتعلق بالحي لأن الميت انقطع تكليفه بموته، ولكن على الأحياء أن يغسلوا موتاهم لأمر النبي  الصحابة بذلك.
وغسل الميت هو واجب كفائي، إذا قام به البعض من أقربائه أوغيرهم من المسلمين سقط الطلب عن الآخرين، وإذا لم يقم به أحد أثِمَ الجميع. وتجب نية الغسل على الغاسل، هذا في غير الشهيد، أما الشهيد فإنه لا يغسَّل.
ودليل وجوب غسل الميت ما رواه ابن عابس رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ قال في المُحْرِمِ الَّذي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ:( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ) [رواه البخاري  ومسلم]  
 [وقصته: رمته وداست عنقه].
السنة في غسل الميت :

فإن غسل الميت له آداب وأحكام؛  ونوضحها بالخطوات التالية:
1-          يبدأ بستر عورته وجوبا، وهي بالنسبة للرجل ما بين السرة والركبة، وكذلك بالنسبة للمرأة مع المرأة ما بين السرة والركبة.
2-            يجرده من ملابسه، لقول الصحابة حين مات النبي : "هل نجرد رسول الله كما نجرد موتانا" رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم، وصححه الألباني في أحكام الجنائز. ويستحب أن يستره عن عيون الناس، ويكره لغير من يعين في غسله حضور الغسل .
3-           ثم يضعه على سرير الغسل أو مكان مرتفع، ويرفع رأسه إلى قرب جلوسه، ويعصر بطنه برفق، ويكثر صب الماء حينئذ، ثم يلف على يده خرقة فينجيه (أي يغسل مخرجيه)، ولا يحل للغاسل أبدا أن يمس مباشرة بدون حائل عورة من له سبع سنين فأكثر، ويستحب ألا يمس سائر جسده إلا بخرقة، ثم يوضئه ندباً، لقول النبي للنساء اللاتي غسلن ابنته زينب رضي الله عنها: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها" رواه البخاري ومسلم.
ولا يُدخل الماء في فيه ولا في أنفه، ويدخل إصبعيه مبلولتين بالماء بين شفتيه فيمسح أسنانه، ويدخلهما في منخريه فينظفهما ويكون على إصبعيه خرقة حين ذلك.  
4- ثم ينوي غسله ويسمي، ويغسل برغوة السدر رأسه ولحيته فقط، والسدر يدق ويوضع في إناء فيه ماء، ثم يضربه بيديه حتى يكون له رغوة. وذلك حتى لا يصل شيء من تفل السدر إلى شعر رأسه ولحيته، فيصعب إخراجه، أما الرغوة فليس فيها تفل.
5- ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر ثم كله ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، حسب ما يقتضيه الحال مع المحافظة على الإيتار لقول النبي : "اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك" رواه البخاري ومسلم.
ويمر في كل مرة يده على بطنه.
ويجعل في الغسلة الأخيرة كافوراً، لقوله : "اجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً، أو شيئاً من الكافور" متفق عليه.
والكافور طيب معروف أبيض يدق ويجعل في آخر غسلة، وفائدته تطييب الميت، وطرد الهوام عنه، لما لرائحته من خاصية في ذلك، ولا حرج في استعمال الصابون إن احتيج إليه.
ومن أهل العلم من قال: يقص شاربه ويقلم أظفاره، ولا يسرح شعره، ثم ينشفه بثوب.
وإن خرج من الميت شيء بعد الغسلات السبع حشي مخرجه بقطن، ثم يغسل المحل ويوضأ، وإن خرج بعد تكفينه لم يُعد الغسل ، والمرأة يضفر شعرها ثلاثة قرون، ويسدل وراءها لأمر النبي بذلك.
الصفات الواجب توفرها في الشخص المغسل:
1- قال الفقهاء: ينبغي أن يكون الغاسل ثقة أمينا، عارفاً بأحكام الغسل.
2- ولا يجوز له إذا رأى من الميت شيئاً مما يكره أن يذكره إلا لمصلحة، وإن رأى حسنا من أمارات الخير مثل وضاءة الوجه ونحو ذلك، فيستحب له إظهاره، ليكثر الترحم عليه، والرغبة في الاقتداء به.
3- ويجوز إذا كان الميت مبتدعاً ورأى على وجهه مكروها سواداً أو ظلمة، فيجوز للمعسل أن يبين ذلك حتى يحذر الناس من دعوته ومنهجه.
4- أولى الناس بغسل الميت وصُّيه ثم أبوه ثم جده ثم ابنه ثم الأقرب فالأقرب من عصباته،  وكذلك الأنثى أولى الناس بها وصيتها ثم الأم والجدة لأنهما أعلم من البنت ، ثم البنت ثم الأرقب فالأقرب من نسائها.
 
للزوج أن يغسل زوجته لقوله لعائشة رضي الله عنها  : ( ما ضرك لو متِ قبلي فغسلتك ........ ) مسند أحمد ؛ صحيح ، وللزوجة أن تغسل زوجها ، فقد غسلت أسماء بنت عميس زوجة أبا بكر زوجها ، وللزوج كذلك أن يغسل زوجته فقد غسَّل علي رضي الله عنه زوجته فاطمة بنت رسول الله  ؛ والحديث حسن في إرواء الغليل .
5-للرجل والمرأة غسل من له أقل من سبع سنين ، سواء كان ذكراً أو أنثى ، لأن عورته لا حكم لها .
6- إذا مات رجل بين نساء ، او امرأة بين رجال ، فلا يُغَسَل بل يُيَمَم ، وذلك بان يضرب أحد الحاضرين التراب بيديه ثم يمسح بهما وجه الميت وكفيه .
7- يَحْرم أن يُغسل المسلمُ الكافر أو يدفنه في مدافن المسلمين، لقوله تعالى : ( وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) التوبة 84.
8- يستحب لمن غسل الميت ان يغتسل بعدها ولكن ليس بواجب، ودليله حديث عبد الله بن أبي بكر أن أسماء بنت عميس غسلت أبا بكر الصديق حين توفي ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت: إني صائمة وإن هذا يوم شديد البرد فهل علي من غسل فقالوا:  لا .

كيفية تكفين الميت:

1- يستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض، تجمّر أي بالبخور، ثم تبسط بعضها فوق بعض، ويجعل الحنوط وهو الطيب الجاف مثل المسك الأبيض أو غيره ، فيما بينها.
2- ثم يوضع الميت عليها مستلقياً، ويجعل شيء من الحنوط في قطن ثم يوضع بين إليتيه، ويشد فوقها خرقة مشقوقة الطرف كالتبان - السروال القصير - تجمع إليتيه ومثانته، ويجعل الباقي على منافذ وجهه، ومواضع سجوده، وإن طيب كله فحسن.
3-ثم يرد طرف اللفافة العليا على شقه الأيمن، ويرد طرفها الآخر من فوقه، ثم الثانية والثالثة كذلك، ويجعل أكثر الفاضل عند رأسه، ثم يعقده، وتحل هذه العقد في القبر.
4-وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز.
5-وتكفن المرأة في خمسة أثواب: إزار وخمار وقميص ولفافتين.
والقدر الواجب هو ثوب يستر جميع الميت.  
 
وأخيرا ؛ من موجبات الغسل :5- إسلام الكافر:

فإن الكافر إذا أسلم يجب عليه أن يغتسل غسل الإسلام سواء كان كافراً أصلياً أو مرتداً، وهذا هو أحد القولين في مذهبي مالك وأحمد، ودليله ما رواه أبو داود بإسناد صحيح عن قيس بن عاصم قال: أتيت النبي أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر،  قال ابن قدامة في المغني: وأمره يقتضي الوجوب.    والله أعلم
 

No comments:

Post a Comment