Wednesday, 5 March 2014

تدبر آية من القرآن العظيم - سورة النساء الحزب التاسع - ج 4 - رسول الله شهيد على امته




تدبر آية من القرآن العظيم – سورة النساء الحزب التاسع  ج 4 – رسول الله شهيدا على أمته 
 اخواتي : عودة إلى الحزب التاسع ، فلا يمكن أن نمر على هذه الآية ولا نتدبرها ، آية عظيمة ، بشري ، ونذارة رهيبه .... تعالوا نعيها ...

قال تعالى : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا ) ( النساء 41 ) 

روى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال : قال لي رسول الله ( اقرأ عليّ ) فقلت : يا رسول الله أقرأ عليك ، وعليك أُنزل؟ قال :   ( نعم إني أحب أن أسمعه من غيري ) فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية  ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلَاءِ شَهِيدًا ) ، فقال : ( حسبك الآن ) فإذا عيناه تذرفان . وقد روي هذا الحديث من طرق متعددة ،في إحداها يقول رسول الله في آخره : ( يا رب شهدت على من أنا بين أظهرهم ، فكيف بمن لم أره؟ )
التفسير: 

يقول الله تعالى عن هول يوم القيامة ، وشدة أمره وشأنه ، يقول عز وجل فكيف يكون الأمر والحال يوم القيامة حين يجيء من كل أمة بشهيد ، يعني الأنبياء عليهم السلام يشهدون كل على أمته وقومه ، كما قال تعالى : (  وَأَشْرَ‌قَتِ الْأَرْ‌ضُ بِنُورِ‌ رَ‌بِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)  ( الزمر60 ) ـ


ثم يقول تعالى : (  يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون اللّه حديثاً) أي لو انشقت وبلعتهم مما يرون من أهوال الموقف وما يحل بهم من الخزي والفضيحة والتوبيخ، كقوله: (  يوم ينظر المرء ما قدمت يداه) النبأ40 . وقوله: (  ولا يكتمون اللّه حديثاً) إخبار عنهم بأنهم يعترفون بجميع ما فعلوه ولا يكتمون منه شيئاًـ

كيف يشهد النبي لأمته : 


 ذكر ابن المبارك في التذكرة تبيين كيف يشهد على من لم يره  قال : ان سعيد بن المسيب كان يقول : ليس من يوم إلا يعرض فيه على النبي أمته غدوة وعشية ، فيعرفهم بأسمائهم وأعمالهم، فلذلك يشهد عليهم – وهذا من كلام ابن المسيب لم يرفعه إلى النبي
وقال القرطبي عن الحديث : أنه قد تقدم أن الأعمال تعرض على الله كل يوم إثنين وخميس ، وعلى الأنبياء والآباء والأمهات يوم الجمعة ، و يحتمل أن يختص نبينا وسلم بما يُعرض عليه كل يوم 

      فهل نحن راضون عما يعرض على نبينا الكريم من أعمالنا ؟؟؟ هل نراقب ما سيقال له عنا ؟؟؟ هل سيرضيه أن يشفع لنا ؟؟؟ـ 

وفي الحديث ايضا أنه يعرف أمته ، ويشتاق إليهم – نعم يعرفنا ، واشتاق إلينا أن يرانا - وسيتعرف علينا يوم القيامة
قال عويمر بن مالك :قال رسول الله
( أنا أوَّلُ من يُؤذَنُ لَهُ بالسُّجودِ يومَ القيامةِ، وأنا أوَّلُ من يُؤذَنُ لَهُ أن يرفعَ رأسَهُ، فأنظُرَ إلى ما بينِ يديَّ، فأعرفَ أمَّتي مِن بينِ الأممِ، ومِن خلفي مثلُ ذلِكَ، وعَن يميني مثلُ ذلِكَ، وعَن شمالي مثلُ ذلِكَ ) فقالَ رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، كيفَ تعرفُ أمَّتَكَ من بينِ الأممِ فيما بينَ نوحٍ إلى أمَّتِكَ ؟ قالَ: ( هم غُرٌّ محجَّلونَ من أثرِ الوضوءِ، ليسَ أحدٌ كذلِكَ غيرَهم، وأعرفُهم أنَّهم يؤتَونَ كتُبَهم بأيمانِهم، وأعرفُهم تَسعى بينَ أيديهِم ذرِّيَّتُهُم ) مشكاة المصابيح – قال الألباني إسناده صحيح ، وله شواهد.ورواه الامام احمد في المسند عن أبي الدرداء.

أنَّ رسولَ اللهِ أتى المقبرةَ فقال : ( السلامُ عليكُمْ دارَ قومٍ مُؤمنينَ . وإنا، إنْ شاء اللهُ، بكمْ لاحقونَ . وددتُ أنا قدْ رأينا إخوانَنا)  قالوا : أولسنَا إخوانَك يا رسولَ اللهِ ؟ قال: ( أنتمْ أصحابي . وإخوانُنا الذين لمْ يأتوا بعدُ). فقالوا : كيفَ تعرفُ منْ لم يأتِ بعدُ من أمتكِ يا رسولِ اللهِ ؟ فقال: ( أرأيتَ لو أنَّ رجلًا لهُ خيلٌ غرٌّ محجَّلةٌ . بين ظهرِي خيلٍ دهمٍ بهمْ . ألا يعرف خيلَهُ ؟)  قالوا : بلى . يا رسولَ اللهِ ! قال: ( فإنهمْ يأتونَ غرًا مُحجَّلينَ منَ الوضوءِ . وأنا فرَطُهمْ على الحوضِ . ألا ليذادنَّ رجالٌ عنْ حوضِي كما يذادُ البعيرُ الضالُّ . أُناديهم : ألا هلُمُّ ! فيقال : إنهمْ قد بدَّلوا بعدَكَ . فأقولُ : سُحقًا سُحقًا .)  وفي روايةٍ : (وفيهِ فلُيذادنَّ رجالٌ عن حوضِي ).رواه مسلم
[ وقوله : ليذادن : أي ليُبعدن ، تبعده الملائكة عن حوض النبي ، وهؤلاء الذين غيروا في الدين ، ابتدعوا فيه ، وتركوا أوامره ، وعملوا بنواهيه ، فهؤلاء يقول لهم : سحقا لكم بما فعلتم ]ـ
وفي صحيح مسلم حديث آخر مبشر لمن أحب نبيه الكريم أنه هو يحبه ويشتاق إليه هذا نصه : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : ( من أشدّ أمتي لي حُباً ، ناسٌ يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله )
في موقف آخر عجيب يجعل رسولنا الحبيب الخيرية فيمن أحبه من أمته ولم يراه ، بل يقوله أنهم خير ممن صاحبه وجاهد معه ، فعن أبو جمعة قال : تغدينا مع رسول الله ومعنا أبو عبيدة بن الجراح قال:  فقال- يعني أبو عبيدة -:  يا رسول الله هل أحد خير منا اسلمنا معك وجاهدنا معك قال: ( نعم قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني ) رواه الإمام أحمد و قال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح.
 وما كان لهم هذه المرتبة من الخيرية إلا لأنهم كما يقول هنا يحبونه ولم يروه ، ويشتاقون لرؤيته . اسمع أخي/ أختي ايضاً ما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله :( إن أناسا من أمتي يأتون بعدي يود احدهم لو اشترى رؤيتي بأهله وماله ) رواه الحاكم و صححه وافقه الذهبي و حسنه الألباني .
ما الواجب علينا تجاه نبينا الكريم :

فالواجب علينا أن نبادل رسولنا مشاعر الحب و الوداد وأن نتمنى لقياه ، ويكون همنا الأعظم ؛ كيف نرد حوضه كيف نظفر بلقائه ؟ لابد أن تنبعث مشاعر الحب من قلوبنا حباً صادقاً يصدقه العمل والإتباع لا قولا باللسان فحسب .
و لنتذكر حال السابقين من علماء أمتنا  في حبهم لرسول الله وشوقهم لرؤيته:
قال ثابت البناني لأنس بن مالك رضي الله عنه : ( أعطني عينيك التي رأيت بهما رسول الله حتى أقبلها ) .
 وعن جبير بن نفير عن أبيه قال جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما فمر به رجل فقال : (طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله والله لوددنا انا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت ) رواه الإمام أحمد وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح

يقول ابن القيم رحمه الله : ( فإذا صدق في ذلك ـ أي العبد ـ رزق محبة الرسول ﷺ،  واستولت روحانيته على قلبه فجعله إمامه ومعلمه وأستاذه وشيخه وقدوته كما جعله الله نبيه ورسوله وهاديا إليه،  فيطالع سيرته ومبادئ أمره وكيفية نزول الوحي عليه ويعرف صفاته وأخلاقه وآدابه في حركاته وسكونه ويقظته ومنامه وعبادته ومعاشرته لأهله وأصحابه حتى يصير كأنه معه من بعض أصحابه ) مدارج السالكين جـ3صـ268-  اللهم ارزقنا هذا الحال.

ثانياً : الحذر من مخالفة هدي النبي ، فإن ذلك مؤذن بالحرمان من ورود حوض النبي عن أبي هريرة أنه كان يحدث : أن رسول الله قال:( يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي ؟ فيقول إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى ) رواه البخاري و تأمل قول النبي : (فيقال إنهم قد بدلوا بعدك فأقول فسحقا فسحقا فسحقا ) ألا ما أعظم الحرمان و ما أجل الخسران من حرم هذا اللقاء العظيم.

ثالثاً : الإيمان بالحوض الذي خص الله به أمة محمد : فهو كما وصف في حديث روه عبد الله بن عمرو: قال النبي : ( حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء من شرب منها فلا يظمأ أبدا ) رواه البخاري فحري بكل محب صادق لنبيه أن يشتاق إلى ذلك اللقاء و يحن إليه.

رابعاً: فضل الوضوء وأن الله خص أمة محمد بأنهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثار الوضوء.

اللهم أحينا مسلمين مستنين بسنة نبينا محمد ، واجعلنا ممن يحبهم ويشتاق إليهم يوم القيامة ، فإنا نشهدك أنه حبيبنا ، أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا وأولادنا ،، اللهم واجعله شفيعنا يوم القيامة، واجعلنا ممن يلقاه على حوضه العظيم ، واجمعنا به في جنات النعيم ، اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين

No comments:

Post a Comment