Monday, 10 March 2014

صحابيات حول رسول الله ﷺ- أم معبد الخزاعية



   



وصفها النبي

أم معبد الخزاعية ، صحابية جليلة، لم تكن من النساء ذوات الشهرة في الجاهلية، بل كانت امرأة بدوية لا تتعدى شهرتها خيمتها أو أهلها، وقد هبطت عليها البركة عند نزول النبي ضيفًا عليها عند هجرته إلى المدينة حتى غدت بذلك إحدى النساء الخالدات في الإسلام.

نسبها:

اسمها عاتكة بنت خالد بن منقذ  أخت حبيش بن خالد الخزاعي الكعبي الصحابي، وهو صاحب حديث "أم معبد الخزاعية" رضي الله عنها ،وإليك قصة  أم معبد الخزاعية" رضي الله عنها  كما هي في الطبقات الكبرى لابن سعد:
عن أبي معبد الخزاعي رضي الله عنه أن رسول
لما هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة- مولى أبي بكر- ودليلهم عبدالله بن أريقط الليثي،  فمرُّوا بخيمتَي أم معبد الخزاعية .. كانت امرأةً جلدةً (أي تصبر على المكروه) برزةً (أي تجالس الناس) تحتبي وتقعد بفناء الخيمة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها تمرًا أو لحمًا يشترون، فلم يصيبوا عندها شيئًا من ذلك، وإذا القوم مرمِلون (أي نفد زادهم) مسْنِتون (أي أصابهم الجدب)، فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزَكم القرى (أعوزكم من العوز وهو الحاجة، والقرى ما يقدم للضيف، اي لو كان عندها شيء لكانت قدمته لهم فهم ضيوفها )، فنظر رسول الله إلى شاةٍ في كسر الخيمة (ركن الخيمة)، فقال: (ما هذه الشاة يا أم معبد؟) قالت: هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم (كناية عن ضعفها وهزالها)، فقال: ( هل بها من لبن؟)  قالت: هي أجهد من ذلك، قال: (أتأذنين لي أن أحلبها؟)  قالت: نعم، بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلبًا!
فدعا رسول
بالشاة فمسح ضرعها، وذكر اسم الله، وقال: ( اللهم بارك لها في شاتها") ، قال: فتفاجت (أي تباعد ما بين قدميها، كنايةً عن استجابتها للحلب) ودرت واجترت (أي جرى لبنها وتدفق)، فدعا بإناء لها يُربِضُ الرهطَ (أي يرويهم حتى يُثقلهم)، وحلب فيه ثجًّا حتى علبه الثُّمال (أي كثرت رغوته) فسقاها، فشربت حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، وشرب رسول الله آخرهم، فشربوا جميعاً عَللاً بعد نَهل (أي شربوا مرةً ثانية بعد المرة الأولى) حتى أراضوا (أي ارتووا وشبعوا)، ثم حلب فيه ثانيًا عودًا على بدء، فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها.
ويوروى في قصة أم معبد قصة الشاة التي مسح النبي ضرعها وذكر أنها عاشت إلى عام الرمادة - في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه – قالت أم معبد : فكنا- أي في عام الرمادة - نحلبها صبوحا وغبوقا وما في الأرض لبن قليل ولا كثير أخرجه بن سعد عن الواقدي عن حزام بن هشام.  

أم معبد تصف رسول الله
:

فقلما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنُزًا حِيلاً عِجافًا هَزلَى (يعني قطيع هزيل ضعيف) ما تُساوَق (أي لا نصيب لها في السوق، أو أنها لا تتابع في المسير لهزالها وضعفها)، مخهنَّ قليل لا نِقْي بهن (النِّقي هو مخ العظم)، فلما رأى اللبن عجب، وقال: من أين لكم هذا والشاة عازبة، ولا حلوبة في البيت؟! قالت: لا والله، إلا أنه مر بنا رجل مبارك، كان من حديثه كيت وكيت..
قال: والله إني لأراه صاحب قريش الذي يُطلَب.. صِفيه لي يا "أم معبد"، قالت:

رأيت رجلاً ظاهر الوضاءَة، متبلِّج الوجْه (أي مشرق الوجه)، حسن الخلق، لم تعبه ثلْجة (أي ليس به بياض شديد يعيبه)، ولم تزَر به صلعة، وسيم قسيم (له حظ ونصيب)، في عينيه دعج (أي شديد سوادها وبياضها)، وفي أشفاره وطف (كثير شعر الحاجبين)، وفي صوته صحل (أي بُحَّة)، أحور (شديد بياض العين وسوادها)، أكحل، أزج (دقيق الحاجب متقوسه)، أقرن (أي التقى طرفا حاجبيه)، شديد سواد الشعر، في عنقه سطع (أي بريق وارتفاع)، وفي لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار، إذا تكلم سما وعلاه البهاء، وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، حلو المنطق، فصل، لا نزر ولا هزر (أي ليس كلامه بالحقير التافه ولا بالأحمق)، أجهر الناس، وأجمله من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، ربعة (وسيط القامة)، لا تشنؤه من طول (أي لا تبغضه)، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفُون به (أي يلتفون حوله)، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود (مُجتَهَد في خدمته، لا عابث ولا منفد (كناية عن أنه ذو بال).
قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذُكر لنا من أمره ما ذُكر، ولو كنت وافقتُه يا أم معبد  للتمَّستُ أن أصحَبَه، لأفعلنَّ إن وجدتُ إلى ذلك سبيلاً.
وكانت تسمي رسول الله : الرجل المبارك

 قاولوا وما شعرت قريش إلى أين توجه النبي حتى أصبح صوتٌ بمكة عاليًا بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرون من يقول، وهو يقول:

جزى اللهُ ربُ الناسِ خيرَ جزائِـه     رفيقَين حلاَّ خيمتَي أم معبــدِ
هما نزلا بالـبرِّ وارتـحلا بــه      فأفلحَ من أمسَى رفيقَ محمــدِ
فيا لـ"قصي" ما زوى اللـهُ عنكـم     به من الأفعال لا يجازَى وسؤددِ
سلوا أختـَكم عن شاتِها وإنائـِها     فإنكم إن تسألوا الشاة تشـهـدِ
دعـاها بشـاةٍ حـائلٍ فتحلـَّبت     لـه بصريحِ ضـرةِ الشاةِ مزبـدِ
فغـادرَه رهنـًا لـديْها لحالـبٍ     تـدرُّ بهـا في مصدرٍ ثم مـوردِ
أخرجه الحاكم و صححه ، ووافقه الذهبي.


ولقد لامست نسمات الإيمان قلب أم معبد  منذ اللحظات الأولى التي سمعت وشاهدت فيها النبي  بدليل أنها حين مر بها فتيان قريش وسألوها عن رسول الله وكانوا يلاحقونه أشفَقَت عليه منهم، فتعاجَمت عليهم، وقالت لهم: "إنكم تسألون عن شيء ما سمعت به قبل عامي هذا". وأخرج بن سعد عن الواقدي قال : وكانت أم معبد يومئذ مسلمة ،وقال غيره قدمت بعد ذلك وأسلمت وبايعت رسول الله .

إسلامها :

روى البيهقي وحسنة ابن كثير- قال:  كثر غنمها بعد ذلك – أي بعد نزول رسول الله في خيمتها في الهجرة - فجلبت جلبا – من الغنم - إلى المدينة ، وكان معها ابنها ، فرأي ابنها أبى بكر رضي الله عنه  

فقال ابنها : يا أمي هذا هو الرجل الذ كان مع الرجل المبارك ، فأتته فسألته عن الرجل المبارك ، فقال هو رسول الله ، فقامت معه حتى حضرت عنده،  فأعطاها النبي وكساها ، وأهدته شيئا من إقط  ومتاع الأعراب ،وأسلمت عنده.

ما روته أم معبد عن النبي :
تقول أم معبد أن النبي كان يدعو: ( اللهم طهر قلبي من النفاق, وعملي من الرياء, ولساني من الكذب, وعيني من الخيانة, فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) 


رضي الله عنها وأرضاها 

No comments:

Post a Comment