هي مارية بنت شمعون القبطية، مولاة رسول الله ﷺ وأم ولده إبراهيم، لم تحظ بلقب “أم المؤمنين” لكنها حظيت بشرف أمومتها لإبراهيم وبالصحبة، وقد كانت
نصرانيَّة ثم أسلمت رضي الله عنها.
أورد ابن سعد بسنده في الطبقات « عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ: ( استوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما) ، قال: ورحمهم أن أم إسماعيل بن إبراهيم منهم، وأم إبراهيم ابن النبي ﷺ منهم .
أورد ابن سعد بسنده في الطبقات « عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ: ( استوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما) ، قال: ورحمهم أن أم إسماعيل بن إبراهيم منهم، وأم إبراهيم ابن النبي ﷺ منهم .
ومارية القبطية رضي الله عنها من إماء النبي ﷺ ، لا من أزواجه اللاتي هن أمهات المؤمنين، قال
الله تعالى : ( النَّبِيُّ
أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) (الأحزاب/6(
فهي رضي الله عنها لم تكن زوجة حرة معقودًا عليها، وإنما كان النبي ﷺ يطؤها بملك اليمين، وقد كان له ﷺ أربع إماء، منهن مارية.
فهي رضي الله عنها لم تكن زوجة حرة معقودًا عليها، وإنما كان النبي ﷺ يطؤها بملك اليمين، وقد كان له ﷺ أربع إماء، منهن مارية.
قال أبو عبيدة : كان له أربع إماء: مارية وهي أم ولده إبراهيم ، وريحانة ،
وجارية أخرى جميلة أصابها في بعض السبي، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش .
نشأتها رضي الله عنها:
ولدت مارية القبطية في بلدة جفن القريبة من (أرضنا) بصعيد مصر، أمها نصرانية رومية ، وانتقلت مع أختها سيرين – وقيل شيرين- إلى قصر المقوقس عظيم القبط في مطلع شبابها الباكر. وعندما بعث النبي ﷺ وسلم عقب صلح الحديبية كتبا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام.
وأرسل الرسول ﷺ كتاباً إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر، أرسله مع حاطب بن أبي بلتعة، وكان
معروفاً بحكمته وبلاغته وفصاحته. فأخذ حاطب كتاب الرسول ﷺ إلى مصر وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به. واخذ يستمع إلى كلمات حاطب، فقال له " يا هذا، إن لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه".
اُعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال
لحاطب: " إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه، ولا ينهي عن
مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر
الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار
بالنجوى وسأنظر"
( بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد بن عبد الله ، من
المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أنَّ نبياً
بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم،
وبكسوة، وأهديتُ إليك بغلة لتركبها والسلام عليك)
إسلامها :
ذكر الحافظ ابن حجر في( الإصابة في معرفة الصحابة ) أنها أسلمت على يد حاطب
بن أبي بلتعة رضي الله عنه قبل أن تصل إلى رسول الله ﷺ
قال: عرض حاطب بن أبي بلتعة في طريق
عودته من مصر على مارية الإسلام، ورغبها فيه فأسلمت، وأسلمت أختها، وأقام الخصِيُّ
مابور– ويقال أنه أخاها -على دينه حتى أسلم بالمدينة بعدُ في عهد رسول الله ﷺ.
مكانتها في بيت النبوة :
قال ابن سعد : ( بعث المقوقس صاحب الإسكندرية
إلى رسول الله ﷺ
في سنة سبع من
الهجرة بمارية وبأختها سيرين، وألف مثقال ذهبا، وعشرين ثوبا لينا، وبغلته الدلدل
وحماره عفير، ومعهم خصي يقال له مابور، وبعث بذلك كله مع حاطب بن أبي بلتعة).
كان رسول الله ﷺ معجبا بأم إبراهيم، وكانت بيضاء جميلة أمها
رومية، فأنزلها في العالية في المال الذي يقال له اليوم مشربة أم إبراهيم، وكان رسول
الله يختلف إليها هناك وضرب عليها الحجاب، وكان يطأها بملك اليمين.
وقالت
عائشة : ( ما
غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة من النساء جعدة، وأعجب
بها رسول الله ﷺ
، وكان أنزلها أول
ما قدم بها في بيت لحارثة بن النعمان فكانت جارتنا، فكان رسول الله عامة النهار
والليل عندها، حتى فرغنا لها فجزعت فحولها إلى العالية فكان يختلف إليها هناك، فكان
ذلك أشد علينا، ثم رزق الله منها الولد وحرمنا منه.)
وقال الحافظ ابن كثير:
« كان رسول الله ﷺ يعجب بمارية القبطية، وكانت بيضاء جعدة جميلة،
فأنزلها وأختها على أم سليم بنت ملحان، فدخل عليهما رسول الله ﷺ فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا هناك- وقيل كانتا
قد أسلمتا على يد حاطب في طريق عودته من مصر ، وإنما تأكد النبي ﷺ من إسلامها- فوطئ مارية بالملك، وحولها إلى مال له بالعالية
كان من أموال بني النضير، فكانت فيه في الصيف وفي خرافة النخل، فكان يأتيها هناك
وكانت حسنة الدين، ووهب أختها شيرين لحسان بن ثابت فولدت له عبد الرحمن" .
ما نزل في ماريا في القرآن الكريم:
قال ابن سعد : « كانت أم إبراهيم سرية النبي ﷺ في مشربتها، وكان ﷺ حرم أم إبراهيم ، فقال هي علي حرام، وقال والله لا أقربها، فنزلت: ( قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ) التحريم 2 ، فالحرام حلال في الإماء إذا قال الرجل لجاريته أنت علي حرام، فليس بشيء ، وإذا قال والله لا أقربك فعليه الكفارة، ، وأنزل الله : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ) التحريم 1 )
وهكذا نرى ما لمـارية رضي الله عنها من شأن فقد
أنزل الله فيها أيات مباركة يلغي تحريم النبي ﷺ لها عليه ، أنزل الله عز وجل صدر سورة التحريم بسببها،
وأوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصانيفهم، وقد توفي
الرسول ﷺ
وهو عنها راض.
مارية التي تشرفت بالبيت النبوي الطاهر، وعُدَّت
من أهله، وكانت شديدة الحرص على اكتساب مرضاة النبي ﷺ ، كما عرفت بدينها وورعها وعبادتها.
إكرام الله لماريا بولادتها ابن النبي
بعد مرور عام على قدومها إلى المدينة، حملت
مارية وفرح النبي ﷺ
وسلم لسماع هذا
الخبر، فقد كان قد قارب الستين من عمره وفقد جميع أولاده ما عدا فاطمـة الزهراء
رضوان الله عليها. فولدت مـارية ، وكانت قابلتها سلمى مولاة رسول الله، فجاء أبو رافع زوج سلمى، فبشر رسول الله ﷺ بالولد وسماه إبراهيم تيمناً بأبيه إبراهيم الخليل عليه
السلام ، وذلك في ذي الحجة سنة ثمان للهجرة، وبهذه الولادة تصبحت مـارية حرة بعد
وفاة النبي ﷺ، وتنافست
الأنصار في إبراهيم وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبي ﷺ لما يعلمون من هواه فيها.
قال الحافظ ابن كثير : ” وولدت مارية لرسول الله ﷺ غلاما سماه إبراهيم، وعق عنه بشاة يوم سابعه وحلق رأسه، وتصدق بزنة شعره فضة على المساكين وأمر بشعره فدفن في الأرض وسماه إبراهيم”
وعاش إبراهيم ابن الرسول ﷺ سنة وبضع شهور، يحظى برعاية والده ﷺ ، وبرعاية أمه مارية القبطية، فلما بلغ من العمر ستة عشر شهرا مرض مرضاً شديداً، وطار فؤاد أمه، فأرسلت إلى أختها لتقوم معها بتمريضه.. ولما مضت الأيام ولم تظهر عليه بوارق الشفاء، أرسلت مارية إلى أبيه حتى يراه، وجاد إبراهيم بأنفاسه بين يدي رسول الله ﷺ وهو ابن ثمانية عشر شهراً، وودعته أمه وهي تردد ( إنا لله وإنا إليه راجعون).
قال الحافظ ابن كثير : ” وولدت مارية لرسول الله ﷺ غلاما سماه إبراهيم، وعق عنه بشاة يوم سابعه وحلق رأسه، وتصدق بزنة شعره فضة على المساكين وأمر بشعره فدفن في الأرض وسماه إبراهيم”
وعاش إبراهيم ابن الرسول ﷺ سنة وبضع شهور، يحظى برعاية والده ﷺ ، وبرعاية أمه مارية القبطية، فلما بلغ من العمر ستة عشر شهرا مرض مرضاً شديداً، وطار فؤاد أمه، فأرسلت إلى أختها لتقوم معها بتمريضه.. ولما مضت الأيام ولم تظهر عليه بوارق الشفاء، أرسلت مارية إلى أبيه حتى يراه، وجاد إبراهيم بأنفاسه بين يدي رسول الله ﷺ وهو ابن ثمانية عشر شهراً، وودعته أمه وهي تردد ( إنا لله وإنا إليه راجعون).
وفاة ماريا:
عاشت مـارية رضي الله عنها ما يقارب الخمس سنوات بعد وفاة رسول الله ﷺ في ظل الخلافة الراشدة، في خلافة عمر رضي الله عنه.
قال ابن عبد البر : ” وتوفيت مارية في خلافة عمر بن الخطاب، وذلك في المحرم من سنة ست عشرة ، وكان عمر يحشر النَّاس بنفسه لشهود جنازتها ، وصلى عليها عمر رضى الله عنه فى البقيع ، ودفنت الى جانب نساء أهل البيت النبوى والى جانب ابنها ابراهيم"
هل تعتبر ماريا من أمهات المؤمنين ؟
جاء في الموسو عة الفقهية: يؤخذ من استعمال الفقهاء أنهم يريدون بـ " أمهات المؤمنين
" كل امرأة عقد عليها رسول الله ﷺ
ودخل بها ، وإن طلقها بعد ذلك على الراجح .
وعلى هذا فإن من عقد عليها رسول الله ﷺ ولم يدخل بها فإنها لا يطلق عليها لفظ أم المؤمنين. ومن دخل بها رسول الله ﷺ على وجه التسري , لا على وجه النكاح لا يطلق عليها أم المؤمنين ،
كمارية القبطية . ويؤخذ ذلك من قوله تعالى في سورة الأحزاب : ( وأزواجه أمهاتهم ) الأحزاب 6 .
فمن ليست زوجتة بالعقد فلا تعتبر أما
للمؤمنين.
فتبين من هذا أن مارية القبطية ليست من أمهات ألمؤمنين لأنه ﷺ لم يعقد عليها . وإنما تسرى بها فولدت له إبراهيم، ومع أنها ليست
من أمهات المؤمنين، فإنه لا يجوز لها الزواج بعد وفاته ﷺ
جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي :
"ومن خصائصه ﷺ
أنه يحرم على غيره أن يأخذ من دخل بها النبي ﷺ ومات عنها لا طلقها، وكذا تحرم السرية وأم الولد التي فارقها بموت
أو عتق أو بيع، وبعبارة أخرى أي ونكاح مدخولته لغيره وسواء كانت حرة أو أمة "
انتهى.
ومارية القبطية دونا عن إمائه ﷺ فإنها بعد وفاته ﷺ
صارت حرة لولادتها الولد " إبراهيم " لرسول الله ﷺ ، وبالتالي فلا يجوز أن تكون سرية لغيره.
قال ابن القطان المالكي في كتاب الإقناع في مسائل الإجماع: اتفقوا
على أن إبراهيم ابن رسول الله ﷺ
خلق حرا ، وأمه مارية أم ولد رسول الله ﷺ
محرمة على الرجال بعده غير مملوكة، وأنه ﷺ كان يطؤها بعد ولادتها، وأنها لم تبع بعده ولا تصدق بها وإنما
كانت بعده ﷺ حرة. انتهى.
No comments:
Post a Comment