تدبر
آية من القرآن العظيم – الحزب الثاني عشر – هل بلغ رسول الله رسالة ربه ؟
نحن بين يدي آية يأولها أهل البدع والأهواء تأويلا عجيبا ليس من قريب ولا بعيد اي دليل يدل عليه ، لا من سياق النص، وجملة المعاني التي هو من بينها ، ولا ترتيب الاحداث يدل عليه ، ولا أي دليل له سند صحيح من سنة أو اثر يدل عليه ، غير الأهواء ، والبدع التي يقصد بها الفتنة المضلة .
تعالوا إلى هذه الآية ، نقرأ تفسيرها من كتب التفسير بالأثر ، ثم نتعرض للشبهة التي دارت حولها .
من
سورة المائدة ، قال تعالى:( يَا أَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ
فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ الله لا
يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)(
67 )ـ
التفسير:
يقول
الله تعالى مخاطبا نبيه الكريم باسم الرسالة – يا أيها الرسول – فالأمر خاص
بالرسالة وإبلاغها ، فيأمره أن يبلغ جميع ما أنزل إليه من ربه، وقد امتثل ﷺ
، وقام به على أتم ما يرام،
ولم يكتم منه شيئا كما يدعي بعض الكذابين المعلول دينهم وعقيدتهم في الله ورسوله ،
قالت عائشة ( من قال لك أن محمدا كتم
شيئا مما أنزل عليه فقد كذب )ـأورده البخاري في تفسير ذلك هذه الآية.
وقد
جاء عن ابن عباس عن أبيه العباس عم النبي ﷺ
ان رجلا قد جاء إليه يقول :
إن ناسا يأتونا فيخبرونا إن عندكم شيئا لم يبده رسول الله ﷺ
للناس ؟ فقال ابن عباس: ألم
تعلم أن الله تعالى قال: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ
إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآية ، والله ما ورثنا عن رسول الله ﷺ
سوداء ولا بيضاء (
يقصد لم يعهد إلينا بشيء لا بالخلافة ولا غيرها).
والذي يثيره المتأولون: هو أن الرسول ﷺ
عهد بالخلافة لعليّ رضي الله
عنه ، ثم انكرها عليه الصحابة رضوان الله علىهم جميعا.
وأورد
البخاري أيضا حديث عن أبي حجيفة السوائي قال: قلت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه :
هل عندكم من شيء من الوحي مما
ليس في القرآن ؟ فقال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إلا فِهْما يُعطيه الله
رجلا في القرآن ، وما في هذه الصحيفة ، قلت: وما في الصحيفة ؟ قال : العقل ، وفكاك
الأسير ، وأن لا يقتل مسلم بكافر ،
وهذا نص وتصريح من عليّ رضي الله عنه بعدم وجود ما يدعيه الشيعة نصّ من التنزيل
يعهد لعليّ بالخلافة بعد رسول الله ﷺ
، وسيأتي الكلام في الشبهة.
قال
البخاري وقد شهدت له أمته بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة ، ذلك أنه ﷺ
قال في خطبتة يوم عرفة في حجة
الوداع ، وقد كان هناك من الصحابة نحو أربعين ألفا، قال:( أيها
الناس إنكم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون ؟) قالوا: نشهد إنك بلّغت وأديْت ونَصَحت ، فجعل
يرفع أصبعه إلى السماء وينكسها إليهم، ويقول:( اللهم هل بلّغت )؟
وقوله
تعالى: (وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) اي بلغ أنت رسالتي، وأنا حافظك وناصرك ومؤيدك على أعدائك
وناصرك عليهم، وقد كان ﷺ
يُحرس أثر هجرته إلى المدينة،
حتى نزلت هذه الآية فقال للناس: (
يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل )ـ
ومما
ورد من مظاهر حفظ الله تعالى له ما
روى ابن جرير عن أبي هريرة قال: كنا
إذا صحبنا رسول الل ﷺ
في سفر تركنا له أعظم شجرة
وأظلها، فينزل تحتها ، فنزل ذات يوم تحت شجرة وعلّق سيفه فيها ، فجاء رجل فأخذه ،
فقال : يا محمد من يمنعك مني ؟ فقال رسول الله ﷺ:
( الله يمنعني منك ، ضع السيف ) فوضعه،
فأنزل الله عز وجل (وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) رواه أبو حاتم في صحيحه.
شبهة الروافض في هذه الآية: يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك
يستند القائلون بأن الله نص على خلافة عليّ رضي
الله عنه، وأن هذه الآية دليل على مدعاهم، قائلين أن الذي أُمِرَ الرسول بتبليغه في هذه
الآية هو النص الإلهي على خلافة علي وولاية أمره.
والجواب: أنه ليس في مضمون الآية ولا في سياقها أي شيء
يفيد ما يقولونه أبداً، فآيات سورة المائدة بدأً من الآية 13: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ
مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً... ﴾ ثم الآيات 41 إلى 45: يبين الله تعالى فيها عصيان اليهود
وطغيانهم وتعدِّيهم حدود الله، وعدم حكمهم بما أنزل الله إليهم في التوراة، ثم من
الآية 46 فما بعد يتوجه الله تعالى إلى النصارى ويدعوهم للعمل بالإنجيل، ويأمر
رسوله ﷺ بالحكم بما أنزله إليه وعدم اتباع أهواء أهل الكتاب والحذر من فتنتهم،
وخلال ذلك ينهى المسلمين عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، ويأمرهم بموالاة الله
ورسوله والمؤمنين، ليعود ثانية (في الآية 58 فما بعد) لمذمة أعمال أهل الكتاب
وموقفهم في مواجهة دعوة الإسلام، وتقريع اليهود على أفعالهم السيئة من قول الإثم
وأكل السحت وإيقاد نيران الحروب والسعي في الأرض بالفساد إلى أن يصل إلى الآية
موضع الاستشهاد فيقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ
مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَالله يَعْصِمُكَ
مِنَ النَّاسِ إِنَّ الله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ أي بلغ ما أنزلناه إليك بشأن أهل الكتاب ولا تخف فالله
سيحميك من شر اليهود والنصارى ويظهر أمرك ودينك لأن الله لا يهدي المعرضين عن الحق
الكافرين به من أهل الكتاب، ويعقبها مباشرة بقوله: ﴿ قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى
تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ
رَبِّكُمْ... ﴾ فيأمر الرسول ﷺ أن يقول لأهل الكتاب أنهم ليسوا على شيءٍ من الدين ولا حتى الإنسانية إلا
إذا أقاموا التوراة والإنجيل وما أُنزل إليهم من ربهم، ثم يذكِّر اليهود كيف نقضوا
ميثاقهم وقتلوا أنبياءهم وعَمُوا وصَمُّوا، ثم يعلن بكل صراحة - وهذا أخطر ما في
القضية - كفر النصارى الذين قالوا أن الله هو المسيح بن مريم أو الذين قالوا أن
الله ثالث ثلاثة، ثم يقول للرسول ﷺ :﴿ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا
نَفْعًا... قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ
وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا
وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ.... لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.. ﴾.
فهذه هي الأمور الحاسمة الخطيرة التي أُمِـر ﷺ بالصدع بها دون خوف ولا وجل ولو لم يفعل فما بلغ رسالة الله عز وجل.
هذا ما يقتضيه سياق الآيات، ثم كيف يتسق أن نجعل
قوله تعالى: ﴿
وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ الله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾
موجها لأصحاب رسول الله، أولئك المسلمين المؤمنين
الذين فرغوا لتوهم من أداء فريضة الحج مع رسول الله؟؟ هذا مع أنه تعالى نفسه كان
قد مدح أولئك الأصحاب في عشـرات الآيات قبل هذه الآية وبعدها؟
ثم إن الآية تأمر بإبلاغ "ما أُنْزِلَ إليك مِنْ
رَبِّكَ " وهو تعبير يراد به عادة الوحي
القرآني بالذات، فأين الآيات التي ذُكِر فيها النص على عليّ بالخلافة السياسية
والإمارة؟ وكيف سيتم إبلاغ إمامة وحكومة عليّ
ببلاغ ما أنزله الله تعالى إلى الرسول ﷺ من القرآن، مع أنه لا توجد فيه آية صريحة أو حتى
غير صريحة حول هذا الموضوع! عن موقع http://www.ijtehadat.com/subjects/altehad%20%2822%29.html
اللهم اجعلنا ممن
يمتثلون أمرك ، ويتبعون سنة نبيك محمد ﷺ ويسلكون درب هدايتك وشرعك ، ويتخلقون بخلق كتابك ونبيك ﷺ .
اللهم الف بين قلوبنا
على طاعتك ومحبتك ومحبة نبيك ﷺ وآل بيته الكرام ، وصحابته الغر الميامين
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ، ونعوذ بك من سخطك والنار
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ، ونعوذ بك من سخطك والنار
No comments:
Post a Comment