Sunday, 16 March 2014

تفسير مختصر ، وربط للآيات وبيان للمتشابهات لتثبيت الحفظ - سورة الفتح -ج 5


 

 سورة الفتح ج 5 والأخير

هذا هو الجزء الأخير من سورة الفتح ، وفيه موضوعان ، الأول : هو سبب خروجة  للعمرة ، وهي رؤيا أراه الله إياها بأنه وأصحابه يأتون البيت معتمرين، كما سأتي
والثاني : وهو مهم جدا ؛ هو بيان فضل صحابة رسول الله ، وشهادة الحق سبحانه وتعالى فيهم ، ووصفهم الذي وصفهم به  الله في التوراة والإنجيل ، وما أبدع هذا الوصف ، وما أروع من وصف به ، وعجبا لمسلم يدعي أنه يقرأ كتاب الله ويعي ما فيه ، ثم يجرؤ أن يقول في صحابة نبينا الكريم ولو واحد منهم كلمة ينتقصهم فيها !!

 قال تعالى : (  لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ)  
كان رسول الله قد رأى في المنام أنه دخل مكة وطاف بالبيت، فأخبر أصحابه بذلك وهو بالمدينة، فلما ساروا عام الحُدَيبية لم يشك جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام، فلما وقع ما وقع من قضية الصلح ورجعوا عامهم ذلك على أن يعودوا من قابل، وقع في نفس بعض الصحابة رضي الله عنهم من ذلك شيء، حتى سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك فقال له فيما قال: أفلم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: (بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا؟) قال: لا، قال النبي ( فإنك آتيه ومطوف به) ، ولهذا قال تبارك وتعالى: ( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ )  هذا لتحقيق الخبر وتوكيده، وليس هذا من الاستثناء – في قوله إن شاء الله - في شيء، وقوله عزَّ وجلَّ: (آمِنِينَ)  أي في حال دخولكم، وقوله: ( مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ) ، وإنما كان هذا في نهاية العمرة هذا الحال، وليس حال دخولهم بها ، كان منهم من حلق رأسه ومنهم من قصره. وثبت في الصحيحين أن رسول الله قال: (رحم الله المحلقين) قالوا: والمقصرين يا رسول الله ؟، قال : (رحم الله المحلقين)  قالوا: والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : (رحم الله المحلقين) قالوا: والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : ( والمقصرين) في الثالثة أوالرابعة
فائدة :
 التحليق والتقصير جميعا للرجال، ولذلك غلب المذكر على المؤنث. والحلق أفضل، وليس للنساء إلا التقصير. وفي الصحيح أن معاوية أخذ من شعر النبي على المروة بمشقص. وهذا كان في العمرة لا في الحج، لأن النبي  حلق في حجته.
 وقوله سبحانه وتعالى: (  لَا تَخَافُونَ) حال مؤكدة في المعنى، فأثبت لهم الأمن حال الدخول، ونفى عنهم الخوف حال استقرارهم في البلد، لا يخافون من أحد، وهذا كان في عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع. (  فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا)  أي علم ما في تأخير الدخول من الخير والصلاح ما لم تعلموه أنتم. وذلك أنه لما رجع مضى منها إلى خيبر فافتتحها، ورجع بأموال خيبر وأخذ من العدة والقوة أضعاف ما كان فيه في ذلك العام، وأقبل إلى مكة على أهبة وقوة وعدة بأضعاف ذلك. وقال الكلبي : أي علم أن دخولها إلى سنة، وليس هذا العام ، ولم تعلموه أنتم.
( فجعل من دون ذلك)  أي قبل دخولكم الذي وعدتم به في رؤيا النبي  فتحاً قريباً، وهو الصلح الذي كان بينكم وبين أعدائكم من المشركين.
 ثم قال تبارك وتعالى مبشراً للمؤمنين بنصرة الرسول على عدوه وعلى سائر أهل الأرض: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ) أي بالعلم النافع والعمل الصالح، فإن الشريعة تشتمل على شيئين: علم، وعمل ( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)  أي على أهل جميع الأديان من سائر أهل الأرض، من عرب وعجم، ومليين ومشركين ، وكفى بالله شاهدا أنه رسوله وهو ناصره، والله سبحانه وتعالى أعلم.


يخبر تعالى عن محمد أنه رسوله حقاً بلا شك ولا ريب فقال: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ)  وهو مشتمل على كل وصف جميل، ثم ثَّنى بالثناء على أصحابه رضي الله عنهم فقال: (  وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)  ، كما قال عزَّ وجلَّ: (  أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين)  وهذه صفة المؤمنين، أن يكون أحدهم شديداً على الكفار، رحيماً بالأخيار، عبوساً في وجه الكافر، بشوشاً في وجه المؤمن، كما قال النبي : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)  "أخرجه الشيخان عن النعمان بن بشير". وفي الصحيح: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وشبّك بين أصابعه. وقوله سبحانه وتعالى: ( تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من اللّه ورضواناً)  وصفهم بكثرة الصلاة، وهي خير الأعمال، ووصفهم بالإخلاص فيها للّه عزَّ وجلَّ، والاحتساب عند اللّه تعالى جزيل الثواب، وهو الجنة المشتملة على فضل اللّه عزَّ وجلَّ، ورضاه تعالى عنهم وهو أكبر من الأول، كما قال جلا وعلا: (  ورضوان من اللّه أكبر)  وقوله جل جلاله: (  سيماهم في وجوههم من أثر السجود)  قال ابن عباس: يعني السمت الحسن، وقال مجاهد: يعني الخشوع والتواضع، وقال السدي: الصلاة تحسّن وجوههم، وقال بعض السلف: من كثرت صلاته بالليل حَسُن وجهه بالنهار "أسنده ابن ماجة في سننه والصحيح أنه موقوف". وقال بعضهم: إن للحسنة نوراً في القلب، وضياء في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الناس. وقال عثمان رضي الله عنه: (ما أسّر أحد سريرة إلا أبداها اللّه تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه) والغرض أن الشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه، فالمؤمن إذا كانت سريرته صحيحة مع الله تعالى، أصلح الله عزَّ وجلَّ ظاهره للناس، كما روي عن عمر رضي اللّه عنه أنه قال: (من أصلح سريرته أصلح اللّه تعالى علانيته) وقال النبي ﷺ: ( ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه اللّه تعالى رداءها إن خيراً فخير وإن شراً فشر) "أخرجه الطبراني عن جندب بن سفيان البجلي". وفي الحديث: (إن الهدي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة)   "أخرجه أحمد وأبو داود عن ابن عباس "، فالصحابة رضي الله عنهم خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم، فكل من نظر إليهم أعجبوه في سمتهم وهديهم، وقال مالك رضي اللّه عنه: بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة رضي اللّه عنهم الذين فتحوا الشام يقولون: والله  لهؤلاء خير من الحوارين فيما بلغنا، وصدقوا في ذلك، فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله ، وقد نّوه الله تبارك وتعالى بذكرهم، في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة، ولهذا قال سبحانه وتعالى ههنا: (  ذلك مثلهم في التوراة)  ، ثم قال: (  ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه)  أي فراخه ( فآزره ) أي شدّه (  فاستغلظ)  أي شبّ وطال (  فاستوى على سوقه يعجب الزرّاع)  أي فكذلك أصحاب رسول الله ، آزروه وأيدوه ونصروه، فهم معه كالشطء مع الزرع ، وهم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس إليهم، فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه، وكون الصغير والمتأخر إسلامه، قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه، من إقامة دين الله والدعوة إليه، كالزرع الذي أخرج شطأه، فآزره فاستغلظ.  (  ليغيظ بهم الكفار) حين يرون اجتماعهم وشدتهم على دينهم، وحين يتصادمون هم وهم في معارك النزال، ومعامع القتال ، ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمه اللّه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم، قال: لأنهم يغيظونهم، ومن غاظ الصحابة فهو كافر لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك. والأحاديث في فضل الصحابة رضي الله عنهم، والنهي عن التعرض لهم بمساويهم كثيرة، ويكفيهم ثناء الله عليهم، ورضاه عنهم، ثم قال تبارك وتعالى: ( وَعَدَالله الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ ) و(  من ) هذه لبيان الجنس (مَغْفِرَةً )  أي لذنوبهم (  وَأَجْرًا عَظِيمًا )  أي ثواباً جزيلاً، ورزقاً كريماً، ووعد الله حق وصدق، لا يخلف ولا يبدل، وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في حكمهم، ولهم الفضل والسبق والكمال، الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة، رضي الله عنهم وأرضاهم، وجعل جنات الفردوس مأواهم. روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله  عنه قال، قال رسول الله  : (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه ) "أخرجه مسلم في صحيحه 
"
فائدة – عمرة القضاء:

أما عمرة القضاءفقد كانت في ذي القعدة سنة سبع، فإن النبي لما رجع من الحُدَيْبية في ذي القعدة رجع إلى المدينة فأقام بها ذا الحجة والمحرم، وخرج في صفر إلى خيبر، ففتحها الله عليه بعضها عنوة، وبعضها صلحاً، وقسمها بين أهل الحديبية وحدهم ولم يشهدها أحد غيرهم إلا الذين قدموا من الحبشة جعفر بن أبي طالب وأصحابه و أبو موسى الأشعري وأصحابه رضي الله  عنهم ولم يغب منهم أحد، ثم رجع إلى المدينة.
 فلما كان في ذي القعدة من سنة سبع خرج النبي إلى مكة معتمراً، هو وأهل الحديبية، فأحرم من ذي الحليفة، وساق معه الهدي، قيل: كان ستين بدنة، فلبى وصار أصحابه يلبُّون، فلما كان صلى قريباً من مر الظهران بعث محمد بن سلمة بالخيل والسلاح أمامه، فلما رآه المشركون رعبوا رعباً شديداً، وظنوا أن رسول الله يغزوهم وأنه قد نكث العهد الذي بينهم وبينه من وضع القتال عشر سنين، فذهبوا، فأخبروا أهل مكة، فلما كان في أثناء الطريق بعثت قريش مكرز بن حفص فقال يا محمد ما عرفناك تنقض العهد، فقال : (وما ذاك؟) قال: دخلت علينا بالسلاح والقسي والرماح، فقال : (لم يكن ذلك وقد بعثنا به إلى يأجج) فقال: بهذا عرفناك بالبر والوفاء.
 وخرجت رؤوس الكفّار من مكة لئلا ينظروا إلى رسول الله ، وإلى أصحابه رضي الله عنهم غيظاً وحنقاً. وأما بقية أهل مكة من الرجال والنساء والولدان، فجلسوا في الطرق وعلى البيوت ينظرون إلى رسول الله وأصحابه، فدخلها ، وبين يديه أصحابه يلبون، والهدي قد بعثه إلى ذي طوى وهو راكب ناقته القصواء التي كان ركبها يوم الحديبية، وعبد اللّه بن رواحة الأنصاري آخذ بزمام ناقة رسول الله يقودها وهو يقول:
 خلوا بني الكفار عن سبيله ** إني شهيد أنه رسوله
خلوا فكل الخير في رسوله ** يا رب إني مؤمن بقيله
 نحن قتلناكم على تأويله ** كما قتلناكم على تنزيله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله ** ويذهل الخليل عن خليله
 روى الإمام أحمد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله وأصحابه مكة، وقد وهنتهم حمى يثرب ولقوا منها سوءاً، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب ولقوا منها شراً، وجلس المشركون من الناحية التي تلي الحِجْر فأطلع الله تعالى نبيّه على ما قالوا، فأمر رسول الله أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة ليرى المشركون جلدهم، قال: فرملوا ثلاثة أشواط، وأمرهم أن يمشوا بين الركنين حيث لا يراهم المشركون، ولم يمنع النبي أن يرملوا الأشواط كلها إلا ابقاء عليهم، فقال المشركون: أهؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد أوهنتهم؟ هؤلاء أجلد من كذا وكذا ) "أخرجه أحمد والشيخان" .
 قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنما سعى النبي بالبيت وبالصفا والمروة ليرى المشركون قوته.
ثم انتهى من السعي عند المروة ، فنحر عندها، وحلق هناك، وكذلك فعل المسلمون، ثم بعث ناساً إلى يَأْجُج، ليقيموا على السلاح، ويأتي الآخرون فيقضون نسكهم ففعلوا‏.‏

وأقام رسول الله بمكة ثلاثاً، فلما أصبح من اليوم الرابع أتوا علياً فقالوا‏:‏ قل لصاحبك‏:‏ اخرج عنا فقد مضي الأجل، فخرج النبي ، ونزل بسَرِف فأقام بها‏.‏

ولما أراد الخروج من مكة تبعتهم ابنة حمزة، تنادى، يا عم يا عم، فتناولها عليّ يريد أن يضمها إليه ، يقول ابنة عمي ، واختصم فيها عليّ وأخيه جعفر وزيد، فقضي النبي لجعفر ؛ لأن خالتها أسماء بنت عميس كانت تحته‏.‏
 
وفي هذه العمرة تزوج النبي بميمونة بنت الحارث العامرية، وكان رسول الله قبل الدخول في مكة بعث جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة، فجعلت أمرها إلى العباس، وكانت أختها أم الفضل تحته، فزوجها إياه، فلما خرج من مكة خلف أبا رافع ليحمل ميمونة إليه حين يمشي، فبني بها بسرف‏.‏

وسميت هذه العمرة بعمرة القضاء ؛ إما لأنها كانت قضاء عن عمرة الحُدَيْبِيَة، أو لأنها وقعت حسب المقاضاة ـ أي المصالحة ـ التي وقعت في الحديبية، والتفسير الثاني رجحه المحققون.
 وهذه العمرة تسمي بأربعة أسماء‏:‏ القضاء، والقَضِيَّة، والقصاص، والصُّلح‏.‏( من الرحيق المختوم للمباركفوري.
كم مرة اعتمر الرسول ؟
عن قتادة أن أنسا رضي الله عنه أخبره أن رسول الله اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته : عمرة من الحديبية أو زمن الحديبية في ذي القعدة ، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة ، وعمرة من جعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة .  رواه البخاري ، ومسلم .
 قال النووي :في شرحه لصحيح مسلم :  
قال العلماء : وإنما اعتمر النبي هذه العُمَر في ذي القعدة لفضيلة هذا الشهر ولمخالفة الجاهلية في ذلك فإنهم كانوا يرونه ( أي الإعتمار في ذي القعدة ) من أفجر الفجور ،  ففعله عدة مرات في هذا الشهر ليكون أبلغ في بيان جوازه فيها وأبلغ في إبطال ما كانت الجاهلية عليه ، والله أعلم .

وهذا آخر تفسير سورة الفتح ولله الحمد والمنة
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

No comments:

Post a Comment