Tuesday 17 December 2013

سورة الزمر تفسير ميسر ومبسط وربط للآيات وبيان للمتشابهات لتيسير وتثبيت الحفظ









شرح ميسر مختصر لسورة الزمر ، وربط لآياتها ببعضها لتيسير حفظها  الجزء 3


عودة على الشرح الختصر ، والربط لآيات سورة الزمر بما ييسر ويثبت حفظك للسورة بإذن الله تعالى ، بعد الإستعانة بالله تعالى ، وسؤاله التثبيت والتوفيق والتيسير فلا غني لنا عن هذه البداية ، ومن كان الله في حاجته ، وهو عونه فقد وصل إلى مبتغاه ومراده بإذن الله
وصلنا إلى قوله تعالى في الآية  (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَ‌بِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴿٣١حيث المجادلة والإختصام يوم القيامة بين الناس ، ومن الخاسر والظالم لنفسه في هذه المخاصمة ؟؟؟ بينه لنا ربنا : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّـهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِ‌ينَ ﴿٣٢ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ۙ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴿٣٣أي لا أحد أظلم من هذا، لأنه جمع بين طرفي الباطل: كذب على اللّه، وكذّب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقد قال الباطل، ورد الحق، ولهذا قال جلت عظمته متوعداً لهم: (  أليس في جهنم مثوى للكافرين) وهم الجاحدون المكذبون، وذلك عكس الفئة الفائزة وهم  ( والذي جاء بالصدق وصدّق به) الذي جاء بالصدق هو الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وصدّق به هم  أصحاب القرآن المؤمنون يجيئون يوم القيامة، فيقولون: هذا ما أعطيتمونا فعملنا فيه بما أمرتمونا، ويشمل كل المؤمنين، فإن المؤمنين يقولون الحق ويعملون به، ثم كما بين مصير الفئة الأولى ، فمصير هؤلاء : (لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَ‌بِّهِمْ ۚ ذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) فقد أحسنوا بالتصديق بالحق ، وبمن جاء به ، فليسألوا الله تعالى ما يشاءون عني في الجنة، مهما طلبوا وجدوا ، فهو الكريم ، يعطيهم ثواب إحسانهم وزيادة أنه : (لِيُكَفِّرَ‌ اللَّـهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَ‌هُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٣٥يكفر عنهم أسوأ ما عملوا في الدنيا فيما كان بينهم وبين ربهم ، وبما كان منهم عنه توبة وإنابة إلى الله ، فلا يؤاخذهم بها ، وزادهم أيضا أنه يجزيهم أجرهم بأحسن أحوالهم وأعمالهم ، وليس بأقلها ، ولا على حال أوسطها ، بل بأحسنها، فتبارك الحليم الكريم .
وإن كان ربنا الكريم بعزته وملكه يعطي بالأحسن ويجزل في الدنيا والآخرة ، اليس هو قادر على أن يكفي عبده ومن عبده من كل سوء وسواه (أَلَيْسَ اللَّـهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ(36) فربنا الكافي ، فلا كافي سواه ، ومن أيقن بها ووقرت في قلبه فلا يخاف سواه، ولكن يضل عن هذا من أضله الله ، (ومن يضلل اللّه فما له من هاد ومن يهد اللّه فما له من مضل أليس اللّه بعزيز ذي انتقام)  أي منيع الجناب لا يضام من استند إلى جنابه، ولجأ إلى بابه، فإنه العزيز الذي لا أعز منه، ولا أشد انتقاماً منه- ويأتي الله بصفته العزيز في مقام التخويف من انتقامه سبحانه من أعدائه ، ولاحظ هنا أن هذه الآيات فيها تفصيل عن الآية في الصفحة السابقة المقابلة لها حيث قال : ( .... وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)
-       وفي بيان  صدق أنه  الكافي ( اليس الله بكاف عبده .... ) بين لنا أن هذه الحقيقة بديهية ، فمن خلق كل شيء ، لا يعجزة أن يقوم عليه بالتدبير والعناية ، وحماية أوليائه فنعم هو كاف عبده ، ومن عبده توكلا عليه فهو الخالق ، ولا يأتي بالحقيقة ةمباشرة بل يدع الكفار يقرون بها من أنفسهم ، فيلقي عليهم السؤال التقريري (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ ۚ قُلْ أَفَرَ‌أَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أَرَ‌ادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ‌ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّ‌هِ أَوْ أَرَ‌ادَنِي بِرَ‌حْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَ‌حْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) فالمشركين كانوا يعترفون بأن اللّه عزَّ وجلَّ هو الخالق للأشياء كلها، ومع هذا يعبدون معه غيره، مما لا يملك لهم ضراً ولا نفعاً، فالله هو الكافي فعليه فليتوكل من أراد الإتكال على من ينفع ، وهنا نذكر قولا لابن عباس قال: (من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على اللّه تعالى، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد اللّه عزَّ وجلَّ أوثق منه بما في يديه، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق اللّه عزَّ وجلَّ ) ، فمن شاء أن يتوكل على الله فهو كافيه ، ثم أمر من الله لنبيه أن يقول لهم : اعملوا على طريقتكم، وهذا تهديد ووعيد، فإني عامل  على طريقتي ومنهجي، فسوف تعلمون  وبال عمللكم عليكم ، وستعلمون وسترون  من يأتيه عذاب يخزيه  أي في الدنيا، (  ويحل عليه عذاب مقيم)  أي دائم مستمر، لا محيد له عنه، وذلك يوم القيامة، أعاذنا اللّه منها. وهذا تحذير وتخويف وترهيب لمن أشرك بالله فو يستحقه فالله لم يخلق الناس ويدعهم هملا ، بلا دليل ولا هداية فـكما قال الله  (إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَلِنَفْسِهِ ..41) ففي هذه الآية قال تعالى ( إنّا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق ) بينما في أول السورة قوله تعالى ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ) ، والفرق بين اللفظين أن لفظ ( عليك ) يؤدي معنى التكليف ، فإنه قد أنزل عليه الكتاب تكليفا له بإبلاغه للناس ، لذلك جاء في هذه الآية 41 بلفظ ( عليك الكتاب للناس...) إي لتبلغه للناس ، بينما في الآية 2 ، امتنان من الله عليه بإنزاله الكتاب له ، وتأكيد على صدق نبوته ، وأن الكتاب حق من عند الله .
-       وفي نفس الآية  قوله تعالى ( فمن اهتدى فلنفسه ...) وهي الوحيدة هكذا في القرآن ( فلنفسه ) بينما في يونس ، والنمل وردت بلفظ ( فإنما يهتدي لنفسه )
-       1. ( قلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّ‌بِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ﴿يونس: ١٠٨﴾

2.  وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْ‌آنَ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِ‌ينَ ﴿النمل: ٩٢﴾
 ثم أنه ما بعد هذه الحياة إلا الموت لكل كائن ، وأنتم تعاينون كل يوم موتة صغري وهي حين النوم ، وذلك قوله تعالى
( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْ‌سِلُ الْأُخْرَ‌ىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَ‌ٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُ‌ونَ (42)
وفي بداية الآية  ذكر الوفاة الكبرى ،وهو الموت بأن يرسل الملائكة الذين يقبضون الروح من البدن ، ثم الوفاة الصغرى عند المنام ، فذكر الله تعالى الوفاة الكبرى ، ثم الصغرى وفي ذلك دلالة على أن أرواح النيام والأموات تجتمع في النوم ، وقد ورد في الحديث في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا آوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخل إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ، ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك ارفعه إن أمسكت نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) وفي الحديث فوائد منها : الحث على نفض الفراش قبل النوم ، وترديد الدعاء قبل النوم كما ورد ، وأن النفس عندما تنام فإنها تشبه الموت ، فيمكن أن تموت في النوم .وقال بعض السلف : تقبض أرواح الأموات إذا ماتوا ، وأرواح الأحياء إذا ناموا فتتعارف ما شاء الله لها أن تتعارف ( فيمسك التي قضى عليها الموت ) التي قد ماتت ، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى أي إلى بقية أجلها ، الا ترى أنك ترى في المنام الأموات معك تتحدث معهم وتسألهم ، ويسألوك ، وتحادثهم ؟
وبعد ذكر الموت ، يأتي ما بعده ... الحساب ، وعندها الكل يبحث عن سفاعة ، من يشفع ....فقال ربنا جل وعلا : (أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّـهِ شُفَعَاءَ ۚ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ ﴿٤٣ قُل لِّلَّـهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ۖ لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْ‌جَعُونَ ﴿٤٤ وَإِذَا ذُكِرَ‌ اللَّـهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَ‌ةِ ۖ)  فليس أحد ممن يدعون أنهم شفعاءهم لهم شيء منها ، بل ( لله الشفاعة جميعا ) لأنه ( له ملك السموات والأرض ) [ ويمكن أن يكون ذكر الشفاعة بعد ذكر الموت فيه ربط أن الأحياء من الناس يستشفعون بالأموات ..!! ]  ، واربط أيضا بالآية التي تليها وهي أن حال من يعتقد بشفاعة الأولياء والأموات أنهم يعظمون شفعاءهم المزعومين أكثر من تعظيمهم لله تعالى ، ولربط الأيتان نلاحظ اشتراكهما بحرف الشين – الشفاعة ،  اشمأزت –
( قُلِ اللَّـهُمَّ فَاطِرَ‌ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) أي ادع أنت  يا محمد صلى الله عليه وسلم ، اللّه وحده لا شريك له الذي خلق السماوات والأرض وفطرها، أي جعلها على غير مثال سبق، ( عالم الغيب والشهادة)  أي السر والعلانية، (  أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون)  أي في دنياهم، ستفصل بينهم يوم معادهم ونشورهم وقيامهم من قبورهم، روى مسلم في صحيحه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سألت عائشة رضي اللّه عنها بأي شيء كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت رضي اللّه عنها: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته: ( اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم  ) رواه مسلم
وروي أيضا أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه قال: يا رسول اللّه علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت؟ فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يا أبا بكر، قل: ( اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، أن أقترف على نفسي سوءاً، أو أجره إلى مسلم)  "أخرجه الإمام أحمد والترمذي "  
ثم بعد هذا التأكيد على المعاد تأكيد آخر وتحذير وتخويف : (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْ‌ضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّـهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) ففي ذلك اليوم لا ينفع الظالمين لأنفسهم لو أن لهم ما في الأرض كله ليفتدوا  أنفسهم من العذاب يومئذ بعد أن يعاينوا من العذاب ما لم يكونوا يحسبون له حساب  ، وبدت لهم سئات ما عملوا ، وأحاط بهم من العذاب وسوء الحساب ما كانوا يستهزئون به من قبل .
والمشركين بالرغم من عنادهم ، وصدهم للحق فهم في أنفسهم مقرون به ، معترفون،  ودليل ذلك أنهم إذا مسهم الشر تضرعوا لله ، وليس لغيره من شركائهم (فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ‌ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ‌هُمْ لَا يَعْلَمُونَ (49) هذا في الشر الذي لا يستطيعون صده ، يلجؤون إلى الخالق وحده لعلمهم أنه لا منجي إلا هو ،  ولكنهم إذا أصابهم الخير لا ينسبوه إلا لأنفسهم ، فيقول أحدهم  أنما أ وتيته على علم مني بطريقة الكسب،ثم يقول اللّه عزَّ وجلَّ: ( بل هي فتنة)  أي ليس الأمر كما زعم، بل إنما أنعمنا عليه بهذه النعمة لنختبره فيما أنعمنا عليه أيطيع أم يعصي؟ مع علمنا المتقدم بذلك  (ولكن أكثرهم لا يعلمون)، )
وهذه الآية تشبه آية  ( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه...) 8 ، إلا أنه في الآية 49 قال : ( دعانا  .. ) جاءت بصيغة المفرد الدال عليه جل وعلا سبحانه ، وهي لأنها من العبد فهو يخلص الدعاء والعبادة لله الواحد ، ولكن الله تعالى يستخدم صيغة الجمع في حكايته هو عن نفسه  ، فقال ( دعانا ) ( ثم إذا خولناه ... ) فهو يتكلم عن نفسه يصيغة التعظيم ، والعبد يفعل الفعل لله الواحد .  
 وفي هذه الآية يظهر لك استكبار المعاندين من السابقين، ( قال إنما أوتيته على علم عندي ) ، وهو نفس حال  كفار ومن النبي صلى الله عليه وسلم وفي كل زمن .
ثم بعد هذه الآية تقريع من الله تعالى للمستكبرين ، القائلين أنهم آتوه على استحقاق لهم ، أو علم أو قوة ، فيرد عليهم ربهم  ( أو لم يعلموا أن اللّه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) أي يوسعه على من بشاء من عباده، سواء كان صالحا أو طالحا ،و يضيِّقه على من يشاء سواء كان صالحا أو طالحا، فرزقه مشترك بين البرية،‏.‏والإيمان والعمل الصالح يخص به خير البرية، ولكن لا يعلم هذا تمام العلم إلا المؤمنين ،(  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) أي لعبراً وحججاً، وقال للقوم يؤمنون دليل على انه لا ينتفع بها إلا المؤمنون ، فبدأ الآية باستفهام تقريري (  أولم يعلموا ) وأنهاها بأن هذا العلم لا يكون إلا لمن هو راسخ في الإيمان .
ولكن الكافرين يدعون ما يدعون، ( قد قالها الذين من قبلهم) أي قد قال هذه المقالة وادعى أن هذه الدعوى كثير ممن سلف من الأمم، ( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) فأصابهم سيئات أي عقوبات – لأنها تسوء الإنسان وتخزيه - والذين ظلموا من هؤلاء أي كفار قريش أيضا سيصيبهم وبال ما كسبوا من الإثم وما هم بمعجزين .
جعلنا الله تعالى ممن آمن به ، ووقر الإيمان في قلبه فلا يزعزعه خوف من إنسان ، ولا يرجو غير ربه تبارك وتعالى .

No comments:

Post a Comment