Monday 16 December 2013

سورة الزمر تفسير ميسر ومبسط وربط للآيات وبيان للمتشابهات لتيسير وتثبيت الحفظ




    

  


شرح ميسر مختصر لسورة الزمر ، وربط لآياتها ببعضها لتيسير حفظها

سورة الزمر هي سورة مكية تعتني بإثبات التوحيد لله، والحث على إخلاص العبادة له وحده ، وهي تبدأ بجملة خبرية ( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ) وهذه هي الآية الثانية في سورة الجاثية والأحقاف بعد ( حم ) 

وسورة الزمر تبدأ مباشرة بتوضيح هدفها من الآية الثانية فيها (فاعبد الله خلصا له الدين ) ، فهدف السورة ، ومحورها هو التوحيد ، والأخلاص فيه ، وعليه مدار الآيات .ففي الآية الثالثة تأكيد أن لله وحده الدين الخالص ( إلا لله الدين الخالص ) ثم يعيب على من أشرك به ، ويأتي بحجتهم كما قالوها على لسانهم ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ... ما نعبدهم إلا ليقربونا من الله زلفى ,,) أي أنهم يعلمون أن هذه الآلهة لا تستحق العبادة،فهم يقولون :ما نعبدهم إلا لترفع حوائجنا للّه، وتشفع لنا عنده، وإلا  فنحن نعلم أنها، لا تخلق، ولا ترزق، ولا تملك من الأمر شيئا‏.‏ .والولاية هي النصرة والمحبة والمساندة والمتابعة ،وهذه المعاني كلها تامة لا تنصرف إلا لله وحدة .
 ثم يقول ربنا ( أن الله يحكم بينهم في ما هم في يختلفون ) ولم يأت بـ - يوم القيامة لاحظ – ولو أنها معنية ، فحينها يكون الحكم بين العباد ، وختمت الآية بـ ( إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) فهم قد كذبوا بادعاء الولد لله ، وكفروا بهذا القول – وكان كفار قريش يحعلون الأصنام على صورة ملائكة ، ويقولون هم بنات الله – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
ويرد الله عليهم بأنه ( لو اراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء ) والوقوف عليها أجمل من الوقوف على( سبحانه ) حتى لا يختلط على السامع أن ( سبحانه )  عائدة  للولد ، ويكمل من بعدها بنفس واحد ( سبحانه هو الله الواحد القهار ) فالتنزيه والتسبيح لله .
-       الأيتان التي تليها في دلائل ربوبيته سبحانه ، ويبدأ بما سبق في الخلق ، وهو ( خلق السموات والأرض بالحق ) ، ثم يأتي بالظواهر الطبيعية فيهما ( يكور الليل على النهار ...) وهي الموضع الوحيد بهذا اللفظ ( يكور ..) وهو تصوير رائع يتخيله من يقرأ ويتدبر في الآيات التي يقرأها ، فالنهار بنوره يلف العالم ، ويتبعه الليل بالظلام يمحو نور النهار يجري خلفة كما قال تعالى ( يطلبه حثيثا ..) وتنتهي الآية باسمي الله ( إلا هو العزيز الغفار ) ، وقد وردوا معا في ثلاث مواضع في القرآن / هي :ـ
1. ربُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ‌ ﴿ص: ٦٦﴾
2. خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ‌ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ‌ وَيُكَوِّرُ‌ النَّهَارَ‌ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ‌ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ‌ كُلٌّ يَجْرِ‌ي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ‌ ﴿الزمر: ٥﴾
3. تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ‌ بِاللَّـهِ وَأُشْرِ‌كَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ‌ ﴿غافر: ٤٢﴾
وبعد خلق السموات والأرض ، خلق الكائنات ، وأكرمها الإنسان، فيذكر ( خلقكم من نفس واحد ) آدم .. من أديم الأرض – اي ترابها – وقال في حواء ( ثم جعل منها زوجها ) فالـ (جعل ) يأتي بعد الخلق ( ثم ) ، ثم خلق الحيوانات قال عنها ( وأنزل لكم من الأنعام ) جعل الخلق إنزالا؛ لأن الخلق إنما يكون بأمر ينزل من السماء. فالمعنى : خلق لكم كذا بأمره النازل من فوق المسوات إلى الأرض .
وفي الآية حقيقة علمية ، ان الجنين في بطن أمه يحاط بظلمات ثلاث، أي أغشية ثلاث  ، هي ظلمة الكيس المحيط به ، وظلمة الرحم ، وظلمة البطن ، ولا بد أن تنتهي هذه الآية بـ تأكيد على لزوم توحيده سبحانه ( ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأني تصرفون ) ، فهو الإله ، وهو الرب الخالق ، فيكيف تنصرف عقولكم عن حقيقة استحقاقه بالعبادة وحده . وهو لا يرضى لعباده الكفر، بل يرضى لهم الشكر، لذلك جاء بعدها بالآية (إِن تَكْفُرُ‌وا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْ‌ضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ‌ ۖ وَإِن تَشْكُرُ‌وا يَرْ‌ضَهُ لَكُمْ ۗ )  ويوم القيامة يوم يلاقي الظالمون جزاء ظلمهم لأنفسهم ، يودون لو يجدون أحدا يحمل عنهم سيئاتهم ولكن لن تتحمل نفس آثمة عن غيرها إثمها ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) وإلى الله المرجع والمآل فينبا كل بما عمل ، وتنتهي الآية بـ ( إنه عليم بذات الصدور ) إشارة إلى أن الله تعالى يحاسب على النية في العمل .
ولكن هكذا الأنسان إذا أصابه ضر لجأ إلى ربه يدعوه متضرعا له ، وهذا اعتراف منه غير مصرح به بأن الله وحده هو المتصرف بهذا الكون هو القادر على أن يخرجه من الكرب أو الضر ، وولكن في اليسر والنعمة ينسى حاله السابق ولجوءه إلى الله ، ويعود إلى شركه، فالله يمهله قليلا .
والآية بعدها استفهام ضمني تقريري، هل حال هذا السابق خير أم حال من هو قانت بالليل عابد لله وهوعالم به ، وهل يتساوي العالم الموقن بمن أشرك مع الله غيره ، ولما جاء بلفظ ( هل  يستوي الذي يعلمون والين لا يعلمون ) ناسب أن يكون نهاية الآية ( إنما يتذكر أولو الألباب ) لأن العلم يحتاج إلى لب وعقل ذكي نبيه .
-       والآيات التي بعدها تؤكد على أن الأمر جاء للنبي صلى الله عليه وسلم بلزوم  الإخلاص في توحيده ، فيقول ربنا تعالى : (قُلْ إِنِّي أُمِرْ‌تُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (11) أربع آيات في هذا الأمر  ، أولها : أمرت أن اعبد الله مخلصا ، ثم الأمر أن يكون أول المسلمين ، ثم  أمره صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم أنه حتى هو يخاف على نفسه الشريف إن عصى الله تعالى من عذا ب يوم عظيم ،( قل أني أمرت أن أعبد الله مخلصا ..) ( وأمرت لان أكون من المسلمين ) ( قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) ثم أعاد التأكيد على لزوم الإخلاص فقال : (قُلِ اللَّـهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي ( 14 ) ، وقوله تعالى ( وأمرت لأن أكون أول المسلمين ) 12  ، جاء بالام ( لـ أن ) لتوكيد المعنى ، وكان يكفي أن مثل قوله في سورة الأنعام  14 (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْ‌تُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ) ، وقوله (  وَأُمِرْ‌تُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿يونس: ٧٢﴾  وهكذا ، فتذكر هنا للتأكيد على الإخلاص في التوحيد وهو هدف السورة كما اتفقنا ، جاء بـ ( لام التوكيد ) وهو الموضع الوحيد في القرآن الذي فيه ( لأن أكون )
وبعدها ... فإن لم تستجيبوا : ( فاعبدوا ما شئتم من دونه )  فمصيركم إلى الخسران ( قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة )  فيبدأ هنا في بيان جزاء الشرك ، بالله وعدم الإخلاص له ، وعبادة غيره ، وصف لحاله في النار ، لا ظل يستظل فيه ولا مهرب : (  لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ‌ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ اللَّـهُ بِهِ عِبَادَهُ ۚ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ( 16 ) والسبيل الوحيد للنجاة منها هوما جاء في آخر الآية :ـ  (يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ)  ولاحظ أن النداء جاء بلفظ ( يا عبادِ )  بحذف ياء النداء دلالة على قلة عدد من يستجيب ويطيع ويتقي ، ومن ثم تأتي البشارة لمن اهتدى وأطاع وأخلص في العبادة في وصف جميل للجنة وغرفها ،بعضها فوق بعض على حسب درجات أهل الجنة .
 نسأل الله منها الدرجات العلى.

تابعوني في تفسير الجزء الثاني من سورة الزمر
  

5 comments:

  1. ماشاء الله
    جدا رائع
    جزاكم الله خيرا

    ReplyDelete
  2. جزاك الله خيرا ونفع بك

    ReplyDelete
    Replies
    1. جزانا وإياكم ، الله ينفعنا جميعا بما نكتب وما نقرأ من الخير

      Delete
  3. جزاكم الله خيرا ونفع بكم
    شرح رائع وماتع ومفيد جدا

    ReplyDelete
  4. جزاكم الله خيرا
    ممتاز عمل ممتاز
    رفع الله قدركم

    ReplyDelete