Sunday 1 December 2013

   

   

في احتواء سورة الفاتحة على أسماء الله تعالى وصفاته  

 

 

                                                                                                      

                                                                                                      

في هذه السُّورة ذكر الله عزَّ وجلَّ خمسةً من أسمائه الحسنى:
الله - الربَّ - الرحمن - الرَّحيم - المالك

أولاً: الله: وهو الإسم الأعظم لله عزَّ وجلَّ ( على قول طائفة من أهل العلم ) الذي تلحق به الأسماء الأخرى، ولا يشاركه فيه غيره.
من معاني اسم الله: أنَّ القلوب تألهه ( تحبه وتحنُّ إليه ) وتشتاق إلى لقائه ورؤيته، وتأنس بذكره

من معاني لفظ الجلالة: أنَّه الذي تحتار فيه العقول فلا تحيط به علماً، ولا تدرك له من الكنه والحقيقة إلا ما بيّن سبحانه في كتابه أو على لسان رسوله، وإذا كانت العقول تحتار في بعض مخلوقاته في السَّماوات والأرض، فكيف بذاته جلَّ وعلا

ومن معاني الله: أنَّه الإله المعبود المتفرد باستحقاق العبادة، ولهذا جاء هذا الإسم في الشَّهادة، فإنَّ المؤمن يقول: ( أشهد أن لا إله إلا الله ) ولم يقل مثلاً: أشهد أن لا إله إلا الرحمن

ثانياً: الربُّ: فهو ربُّ العالمين، ربُّ كلَّ شيء وخالقه، والقادر عليه، كلُّ من في السماوات والأرض عبدٌ له، وفي قبضته، وتحت قهره.
قال - ابن جرير - في معنى اسم (الرب) لله سبحانه وتعالى:  فربنا جل ثناؤه: السيد الذي لا شبه له، ولا مثل في سؤدده، والمصلح أمر خلقه بما أسبغ عليهم من نعمه، والمالك الذي له الخلق والأمر  
ولا تستعمل كلمة (الرب) في حق المخلوق إلا مضافة فيقال: رب الدار ورب المال.
قال ابن قتيبة رحمه الله: (ولا يقال للمخلوق: هذا (الرب) معرفاً بالألف واللام كما يقال لله، إنما يقال رب كذا فيعرف بالإضافة لأن الله مالك كل شيء، فإذا قيل: (الرب) دلت الألف واللام على معنى العموم، وإذا قيل لمخلوق: رب كذا ورب كذا نسب إلى شيء خاص لأنه لا يملك شيئاً غيره).
وعلى هذا إذا ذكر اسم الرب معرفاً فلا يطلق إلا على الله تعالى، وزاد الراغب أن كلمة (رب) غير مضافة ولا معرفة لا تطلق إلا على الله فقال : (ولا يقال الرب مطلقاً إلا الله تعالى المتكفل بمصلحة الموجودات نحو قوله تعالى:  ( بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ.) سبأ 15 (اهـ، وقال ابن الأثير أيضاً: (ولا يطلق غير مضاف إلا على الله تعالى)
وأما كلمة (رب) بالإضافة فتقال لله ولغيره بحسب الإضافة فإطلاقها لله قوله تعالى:  (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ،  وتطلق على غيره نحو : (اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ ) يوسف: 42-  في قول يوسف عليه السلام لأحد صاحبيه في السجن  

ومصدر رب يرب الربوبية والرباية، إلا أن الرباية لا تقال في الله، وإنما في غيره، قال الراغب: (والربوبية مصدر يقال في الله عز وجل، والرباية تقال في غيره.( الدرر السنية – الموسوعة العقدية ) 

ثالثاً ورابعاً: الرَّحمن، الرَّحيم: واسم الرَّحمن كاسم الله لا يسمَّى به غير الله ولم يتَّسم به أحد. فالله والرحمن من الأسماء الخاصة به جلًّ وعلا لا يشاركه فيها غيره أمَّا الأسماء الأخرى فقد يسمَّى بها غير الله كما قال سبحانه عن نبيَّه: (بِالْمُؤمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) ( التوبة:22)
والرَّحمن والرَّحيم مأخوذان من الرَّحمة.
الرَّحمن: رحمة عامَّة بجميع الخلق. والرَّحيم: رحمة خاصَّة بالمؤمنين.
وفي تكرار الإنسان ( بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) في جميع شؤونه، إشارة إلى قول الله سبحانه في الحديث القدسي: ( إن رحمتي سبقت غضبي ) وكثيرا ما كان رسول الله يدعو ويعلم أصحابة الرجاء فيما عند الله :ـ ( اللهم يا حيُّ يا قيوم برحمتك أستغيث ، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) ويقول صلى الله عليه وسلم :ـ ( لن يدخل الجنَّةَ أحداً عمله ، ولا أنا إلا أن يتغَمدني الله برحمتِه)


فهذه الأسماء الثَّلاثة: الله، الربُّ، الرحمن: هي أصول الأسماء الحُسْنى، فاسم الله: متضمِّنٌ لصفات الألوهيَّه. واسم الرَّبِّ: متضمِّنٌ لصفات الرُّبوبيَّة. واسم الرَّحمن: متضمِّنٌ لصفات الجود والبرِّ والإحسان.
فالرُّبوبية: من الله لعباده. والتَّأليه: منهم إليه. والرَّحمة: سببٌ واصلٌ بين الرَّبِّ وعباده.
خامساً: المالك: وذلك في قوله: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) أي يوم يدان النَّاس بعملهم، وفيه ثناء على الله، وتمجيد له، وفيه تذكيرٌ للمسلم بيوم الجزاء والحساب.
فائدة في الجمع بين قراءة حفص في قوله تعالى( مالك يوم الدين ) وفي رواية ورش( ملك يوم الدين) :
  في الجمع بين القراءتين فائدة عظميمة وهي:ـ ان ملكه جل وعلا ملك حقيقي .لان من الخلق من يكون ملكا لكن ليس بمالك؛ يسمى ملكا اسما وليس له من التدبير شئ . ومن الناس من يكون مالكا ولا يكون ملكا ، ولكن الرب عز وجل مالك ملك 

اللهم لك الحمد مالك الملك ، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتغز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير 
اللهم آتنا من فضلك علما نافعا ، وقلوبا خاشعة لذكرك ، ودعاء مستجابا 
وأغننا بفضلك عمن سواك   



No comments:

Post a Comment