Thursday 19 December 2013

صحابيات حول الرسول - صفية عمة رسول الله ﷺ



  


  


.... الهاشمية القرشية - عمة رسول الله


الصحابية الباسلة التي كانت أول امرأة قتلت مشركاً في الإسلام.
المرأة الحازمة التي انشأت للمسلمين أول فارس سل سيفاً في سبيل الله

صفية بنت عبدالمطلب؛ اكتنف المجد من كل جانب

فأبوها  عبدالمطلب بن هاشم جد النبي و زعيم قريش و سيدها المطاع
وأمها, هالة بنت وهب أخت آمنة بنت وهب والدة الرسول ـ
وزوجها الأول: الحارث بن حرب أخو أبي سفيان ابن حرب زعيم بني (أمية)، وقد توفي عنها
وزوجها الثاني, العوام بن خويلد أخو خديجة بنت خويلد سيدة نساء العرب في الجاهلية، وأولى أمهات المؤمنين .

وابنها, الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد حواري رسول الله ـرضي الله عنه، والحواري هو خاصة الإنسان وناصره ، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ : " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا ، وَحَوَارِيِّي الزُّبَيْرُ " [ رواه أحمد] .
فأي شرف بعد هذا الشرف

الأرملة المربية :

لقد توفي عنها زوجها العوام بن خويلد وترك لها طفلاً صغيراً هو ابنه( الزبير) فنشأته على الخشونة و البأس ، وربته على الفروسية والحرب ، وجعلت لعْبَه في بري السهام وإصلاح القسيِّ ، ودأبت على أن تقذفه في كل مَخُوفَةٍ ، و تقحمه في كل خطر
فإذا رأته أحجم أو تردد ضربته ضرباً مبرحاً، وقد عاتبها على قسوتها مع ابنها أحد أعمامه، فقال: ماهكذا يضرب الولد... إنك تضربينه ضرب مبغضة لا ضرب أم!
 فارتجزت قائلة
من قال قد أبغضـتـه فــقـد كـذب
وإنـمـــا أضـــربـــه لـــكي يلــــب     ( أي يصبح لبيباً ، فهيماً ، ذكياً)
و يهزم الجيش و يأتي بالسلــب
وقد كان لابنها بعد ذلك شأن ...
فقد أسلم الزبير مع أوائل من أسلم من الصحابة ،وهو ابن ثماني سنين ، فكان رابعاً أو خامساً بعد أبي بكر الصديق رضي الله عن الصحابة أجمعين .وهاجر وهو ابن ثمان عشر سنة .
والزبير أول رجل سل سيفه في الإسلام ،  فبينما هو بمكة ، إذ سمع صوتاً : أن النبي قد قتل ، فما كان من الزبير إلا أن استل سيفه ، وسار في شوارع مكة كالإعصار ، فتلقاه النبي في أعلى مكة فقال له:  ما لك يا زبير ؟ قال: سمعت أنك قد قتلت، قال: فما كنت صانعاً ؟ قال: أردت والله أن أستعرض أهل مكة ، قال : فدعا له النبي بالخير، ولسيفه بالغلب .
تزوج ابنها الزبير من أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها ، وولدت له ابنهما عبد الله بن الزبير في المدينة ، وكان أول مولود للمسلمين في المدينة .

ولما بعث الله نبيه بدين الهدى والحق، وأمره بأن يبدأ بأن ينذر عشيرته الأقربين.
 جمع بني عبدالمطلب نساءهم ورجالهم وكبارهم وصغارهم؛  وقام رسول اللّه على الصفا فقال:
 يا فاطمة بنت محمد !
يا صفية بنت عبد المطلب !
يا بني عبد المطلب !
لا أملك لكم من اللّه شيئا، سلوني من مالي ما شئتم
ثم دعاهم إلى الإيمان بالله, و حضهم على التصديق برسالته ...
فأقبل منهم على النور الإلهي من أقبل، وأعرض منهم من أعرض.

 فكانت صفية بنت عبدالمطلب في الرعيل الأول من المؤمنين المصدقين ...
عند ذلك جمعت صفية المجد من أطرافه : سؤدد الحسب، وعز الإسلام

أسلمت صفية بنت عبدالمطلب هي وابنها الزبير بن العوام، وعانت ما عاناه المسلمون السابقون من بأس قريش وعنتها وطغياتها
فلما أذن الله لنبيه والمؤمنين معه بالهجرة إلى المدينة خلفت السيدة الهاشمية وراءها مكة بكل ما لها فيها من طيوب الذكريات،  وضروب المفاخر والمآثر ويممت وجهها شطر المدينة،  مهاجرة بدينها إلى الله ورسوله

وعلى الرغم من أن السيدة العظيمة كانت يومئذٍ تخطوا نحو الستين من عمرها المديد الحافل فقد كان لها في ميادين الجهاد مواقف ما يزال يذكرها التاريخ بالإعجاب والثناء، وحسبنا من هذه المواقف مشهدان اثنان
كان أولهما يوم أحد
وثانيهما يوم الخندق

أما ما كان منها في( أحد) فهو أنها خرجت مع جند المسلمين في ثلة من النساء جهاداً في سبيل الله . فجعلت تنقل الماء، وتروي العطاش، وتبري السهام، وتصلح القسيَّ . وكان لها مع ذلك عرض آخر هو أن ترقب المعركة بمشاعرها كلها ولا غرو فقد كان في ساحتها ابن أخيها محمد رسول الله
وأخوها حمزة بن عبدالمطلب أسد الله  
وابنها الزبير بن العوام حواري نبي الله
وفي المعركة - قبل ذلك كله وفوق ذلك كله - مصير الإسلام الذي اعتنقته راغبة  

و لما رأت المسلمين ينكشفون عن رسول الله إلا قليلاً منهم
ووجدت المشركين يوشكون أن يصلوا إلى النبي ويقضوا عليه ؛ طرحت سقائها أرضاً ، وهبت كاللبوة التي هوجم أشبالها وانتزعت من يد أحد المنهزمين رمحه، ومضت تشق به الصفوف، وتضرب بسنانه الوجوه، وتزأر في المسلمين قائلة:  
ويحكم!! أنهزمتم عن رسول الله ؟

فلما رآها النبي مقبلة خشي عليها أن ترى أخاها حمزة وهو صريع, وقد مثل به المشركون أبشع تمثيل فأشار لابنها الزبير قائلاً
( المرأة يازبير ... المرأة يا زبير ..).
فأقبل عليها الزبير وقال    
يا أُمَّهْ إليكِ ... إليكِ يا أُمَّهْ.
فقالت : تنح لا أم لك  
فقال : إن رسول الله يأمرك أن ترجعي  
قالت : وَلِمَ ؟! إنه قد بلغني أنه مُثِّلَ بأخي , وذلك في الله  
فقال له الرسول: (خل سبيلها يا زبير) ؛ فخلى سبيلها  
يقول ابنها الزبير : فوقفت وأخرجت ثوبين معها فقالت : هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة ، فقد بلغني مقتله فكفِّنوه فيهما ،

ولما وضعت الحرب أوزارها ... وقفت صفية على أخيها حمزة فوجدته قد بقر بطنه، وأخرجت كبده ، وجدع أنفه ، وصلمت أذناه ، وشوه وجهه ، فاستغفرت له وقالت :  
إن ذلك في الله ...لقد رضيت بقضاء الله،والله لأصبرن،  ولأحتسبن إن شاء الله.

أما موقفها يوم ( الخندق ) فينم عن   شجاعة وبساله نادرة
لقد كان من عادة الرسول إذا عزم على غزوة من الغزوات أن يضع النساء والذراري في الحصون خشية أن يغدر بالمدينة غادر في غيبة حُماتها .
فلما كان يوم الخندق جعل نساءه وعمته وطائفة من نساء المسلمين في حصنٍ لحسان بن ثابت ورثة عن آبائه، وكان من أمنع حصون المدينة مناعةً و أبعدها منالاً
وبينما كان المسلمون يرابطون على حواف الخندق في مواجهة قريش وأحلافها ، وقد شُغِلوا عن النساء والذراري بمنازلة العدو، أبصرت صفية بنت عبدالمطلب شبحاً يتحرك في عتمة الفجر، فأرهفت له السمع، وأحدت له إليه البصر؛ فإذا هو يهودي أقبل على الحصن، وجعل يطوف به متحسساً أخباره متجسساً على من فيه ،
فأدركت أنه عين _ جاسوس _ لبني قومه جاء ليعلم أفي الحصن رجال يدافعون عمن فيه ، أم أنه لايضم بين جدرانه غير النساء والأطفال .

فقالت في نفسها : إن يهود بني قريظة قد نقضوا ما بينهم و بين رسول الله من عهد وظاهروا قريشاً و أحلافها على المسلمين  وليس بيننا وبينهم أحد من المسلمين يدافع عنا، ورسول الله ومن معه مرابطون في نحور العدو، فإن استطاع عدو الله أن ينقل إلى قومه حقيقة أمرنا سبى اليهود نساء المسلمين واسترقوا الذراري، وكانت الطامة على المسلمين.  
عند ذلك بادرت إلى خمارها فلفته على رأسها، و عمدت إلى ثيابها فشدتها على وسطها، وأخذت عموداً على عاتقها،ونزلت إلى باب الحصن فشقته في أناةٍ و حذق، و جعلت ترقب من خلاله عدو الله في يقظة و حذر،  حتى إذا أيقنت أنه غدا في موقف يمكنها منه ، حملت عليه حملة حازمة صارمة، وضربته بالعمود على رأسه فطرحته أرضاً  
ثم عززت الضربة الأول بثانية وثالثة حتى أجهزت عليه، و أخمدت أنفاسه بين جنبيه  
ثم بادرت إليه فاحتزت رأسه بسكين كانت معها، وقذفت بالرأس من أعلى الحصن 
فطفق يتدحرج على سفوحه حتى استقر بين أيدي اليهود الذين كانوا يتربصون في أسفله  
فلما رأى اليهود رأس صاحبهم؛ قال بعضهم لبعض:  قد علمنا إن محمداً لم يكن ليترك النساء والأطفال من غير حماة ... ثم عادوا أدراجهم.   

رضي الله عن صفية بنت عبدالمطلب.
فقد كانت مثلاَ فذا للمرأة المسلمة ...
ربت وحيدها فأحكمت تربيته ...
وأصيبت بشقيقها فأحسنت الصبر عليه ...
واختبرتها الشدائد فوجدت فيها المرأة الحازمة العاقلة الباسلة ...
ثم إن التاريخ كتب في أنصع صفحاته  
إن صفية بنت عبدالمطلب كانت أول امرأةٍ قتلت مشركاً في الإسلام  

وفاتها:
توفيت صفية بنت عبد المطلب رضي الله تعالى عنها في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، سنة عشرين هجرية،ولها من العمر ثلاث وسبعون سنة، ودفنت في البقيع.رضي الله عنها وأرضاها.


No comments:

Post a Comment