Friday 20 December 2013

صحابيات حول رسول الله ﷺ- أم حرام بنت ملحان




 

   
       



أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ بن خالد الأنصارية النجارية المدنية، هي إحدى السابقات الأنصاريات إلى الإسلام من آل ملحان من الصحابة الأخيار الذين تذوقوا حلاوة الإيمان، فسرت في نفوسهم محبة الله ومحبة رسوله ، فربحوا الدنيا والآخرة. فهؤلاء الفائزون ساهموا –رجالاً ونساءً- في دروب الخير من علم وكرم وإيثار وغير ذلك، وكان همّهم الفوز برضا الله عز وجل ومرضاة رسوله صلى الله عليه وسلم،
وأم حرام بنت ملحان أخت الرُمَيْصَاءُ أُمُّ سُلَيْمٍ  بنت ملحان، إحدى النساء الفاضلات المبشرات بالجنة اللاتي تركن أثرًا مباركًا وضاءً في عصر النبوة.
وهي كذلك خالة سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه وأخت البطلين الشهيدين حرام وسُليم ابني ملحان بن خالد، شهدا بدرًا وأحُدًا، وقُتلا شهيدين يوم بئر معونة، وحرام بن ملحان أخوها، هو الذي حمل كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر، وأحد الشعراء.

نزوجها أولاً عمرو بن قيس ، وأنجبت منه قيس بن عمرو ، وعبد الله بن عمرو ،
شهد ابنها قيس بدرا ، وشهد مع أبيه عمرو بن قيس أحداً وقتلا يومها رضي الله عنهما
فهي زوجة الشهيد ، وأم الشهيد .
ثم تزوجت من بعد بالصحابي الجليل عبادة بن الصامت :
 وحتى تكتمل أغصان هذه الشجرة المباركة، فقد تزوجت بعد استشهاد زوجها عمرو بأحد الأبطال من الأنصار عُبادة بن الصامت
 ومن هو عُبادة بن الصامت ، إنه أحد الصحابة الأجلاء اشتهر بالورع والفقه.
 وهو أحد الأنصار الذين شهدوا العقبة  الأولى والثانية  مع السبعين من الأنصار، وهو أحد النقباء الاثني عشر يوم العقبة الكبري يوم البيعة .  شهد بدرًا وأحدًا والخندق وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد كلها مع رسول الله
وكان عبادة رضي الله عنه أحد كتّاب الوحي، فقد كان من كتبة  القرآن في زمن رسول الله ، وكان يُعلّم أهل الصّفّة القرآن الكريم ، وفي عهد أبوبكر الصديق رضي الله عنه كان أحد الذين شاركوا في جمع القرآن الكريم .

 ولمّا فتح المسلمون الشام أرسله عمر بن الخطاب وأرسل معه معاذ بن جبل وأبا الدرداء ليعلموا الناس القرآن بالشام ويفقهوهم بالدين، وأقام عبادة بحمص وأبو الدرداء بدمشق ومعاذ بفلسطين، ومات معاذ عام طاعون عمواس، فسار عبادة إلى فلسطين ، وكان عبادة أول من ولي قضاء فلسطين.
وأنجبت أم حرام من سيدنا عبادة ابنها محمد بن عبادة بن الصامت وكان عبادة يُحسن إلى أم حرام وإلى ابنها عبد الله بن عمرو بن قيس ربيبه.
عاشت أم حرام مع زوجها عبادة بن الصامت الذي اقتبست منه معالم الخير والفضائل التي كانت موجودة فيه،  فشاركت في نصرة الإسلام ونشره رضي الله عنها وعنه.
اشتهرت الصحابية الجليلة أم حرام بالزهد والتقوى والورع،كانت من عِلْية النساء.
ووصفها أبو نعيم صاحب الحلية بقوله: شهيدة البحر، التواقة إلى مشاهدة الجنان، أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها.
وروى مسلم في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء راكبًا أو ماشيًا، فيصلي فيه ركعتين. وقباء قرية على ميلين من المدينة المنورة.
وفي هذه البقعة المباركة – قباء- كانت أم حرام تقيم فيها، وتُعتبر من أهلها، وكان لهذه المرأة الفاضلة مكانة عظيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد ورد أنه كان يكرمها ويزورها في بيتها ويقيل عندها، ويصلي أحيانًا.
وأم حرام راوية للحديث النبوي الشريف. فقد روت عن النبي خمسة أحاديث، وروى عنها أجلاء الصحابة والتابعين ، وقيل: إنها روت سبعة أحاديث.
وقد روى أَنَس قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنَا وَأُمِّي وَخَالَتِي أُمُّ حَرَامٍ، فَقَالَ: (قُوْمُوا فَلأُصَلِّ بِكُمْ).فَصَلَّى بِنَا فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ –يقصد لم يكن وقت فريضة-
من مواقف أم حرام بنت ملحان مع الرسول :
كان رسول الله يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام زوجة عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله فأطعمته وجعلت تفلي رأسه،  فنام رسول الله ثم استيقظ وهو يضحك،  قالت: فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال:" ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكًا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة" - شك إسحاق الراوي- قالت: فقلت: يا رسول الله؛ ادع الله أن يجعلني منهم،  فدعا لها رسول الله ثم وضع رأسه ثم استيقظ  وهو يضحك، فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله" . كما قال في الأول قالت: فقلت: يا رسول الله؛ ادع الله أن يجعلني منهم قال: " أنت من الأولين".
وصدقت رؤيا رسول الله ، ففي زمن معاوية  غَزَا بِهَا زوجها عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ، في البحر ، فَلَمَّا رَجَعُوا قُرِّبَتْ لَهَا بَغْلَةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَصَرَعَتْهَا، فَدُقَّتْ عُنُقُهَا، فَمَاتَتْ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا –
 يُقَالُ هَذِهِ غَزْوَةُ قُبْرُص فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ.وَحَدِيْثُهَا لَهُ طُرُقٌ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ).
وقال هشام بن الغاز: قبر أم حرام بنت ملحان بقبرس، وهم يقولون هذا قبر المرأة الصالحة رحمها الله.  وقال هشام أيضًا: رأيتُ قبرها، ووقفت عليه بالساحل بقاقيس سنة إحدى وتسعين. 
وهكذا تحققت آمال أم حرام بالشهادة، وسجّلت في سجل الأوائل.
وبعد، فهذه لمحات شذية عبقة من حياة هذه الصحابية الجليلة التي عاشت حميدة، وماتت شهيدة، وتحققت بشارتها بالجنة .

No comments:

Post a Comment