Tuesday 6 May 2014

سلسلة الفقه الميسر – الدرس الحادي عشر ( 11 ) المسح على الجبائر ، وغيرها مما ألحق بالمسح



  

أولاً: المسح على الجبائر والعصائب:


 تعريف الجبيرة : هي في الأصل ما يُجَبر به الكسر.
 والمراد بها في عرف الفقهاء: "ما يوضع على موضع الطهارة لحاجة"، مثل الجبس الذي يكون على الكسر، أو اللزقة التي تكون على الجرح، أو على ألم في الظَّهر أو ما أشبه ذلك، فالمسح عليها بجزيء عن الغسل.

فإذا تعذر على المسلم غسل عضو من أعضاء بدنه لعذر كأن يكون العضو مكسوراً وموضوعاً في الجبس أو مجروحاً وعليه دواء ومنعه الأطباء من استعمال الماء أو محروقاً أو نحو ذلك فإنه يشرع له المسح عليه دون الغسل بالماء وهذا يسمى عند العلماء المسح على العصائب والجبائر.
مدة المسح على الجبائر:

 العصائب والجبائر قد تحتاج إلى مدة لإزالتها حسب حالة الجرح أو الكسر والمسلم في هذه المدة يحتاج إلى الطهارة سواء كانت الوضوء أو الغسل ودين الإسلام جاء باليسر والتسهيل على العباد فشرع المسح على العصائب والجبائر ما دامت لازمة لبرء المرض لرفع الحرج وإزالة المشقة عن الناس لأن في إزالة العصائب والجبائر حرجاً وضرراً يلحق بالمرضى.

مشروعيته المسح على العصائب والجبائر :

 ومما يدل على مشروعية المسح على العصائب والجبائر ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول :[ من كان له جرح معصوب عليه توضأ ومسح على العصائب ويغسل ما حول العصائب ]ـ
 وفي رواية أخرى عن ابن عمر
 ( أنه توضأ وكفه معصوبة فمسح على العصائب وغسل سوى ذلك ] رواه البيهقين قال البيهقي: صحيح عن ابن عمر.
 وقد ورد عن النبي بعض الأحاديث الضعيفة في المسح على الجبائر ولكنها غير ثابتة ، قال البيهقي ولا يثبت عن النبي في هذا الباب شيء
 قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : وليس في المسح على الجبيرة دليل خالٍ من معارضة، فيها أحاديث ضعيفة ذهب إليها بعض أهل العلم، وقال: إن مجموعها يرفعها إلى أن تكون حجة.

 وقد قال بمشروعية المسح على العصائب والجبائر جمهور أهل العلم بما فيهم أصحاب المذاهب الأربعة وقد روى البيهقي عن جماعة من كبار التابعين جواز المسح على الجبائر منهم عبيد بن عمير وطاووس والحسن البصري وإبراهيم النخعي 
والمسح على العصائب والجبائر واجب لا يصح الوضوء والغسل بدونه لمن اضطر إلى وضع جبيرة ، أو ضماد على عضو الغسل أو المسح  في الوضوء ، أو على أي جزء من جسمه  لمن احتاج للغسل .

ما يفعله من كان  به جراحة أو كسر وأراد الوضوء أو الغسل:

 من كان به جراحة أو كسر في عضو الغسل للطهارة ، فعليه :
1-          غسل أعضائه، ولو اقتضى ذلك تسخين الماء.
2-           فإن خاف الضرر من غسل العضو المريض، بأن ترتب على غسله حدوث مرض، أو زيادة ألم، أو تأخر شفاء، انتقل فرضية غسل العضو إلى مسح العضو المريض بالماء.
3-          فإن خاف الضرر من المسح وجب عليه أن يربط على جرح عصابة، أو يشد على كسره جبيرة، بحيث، لا تغطي الجبيرة أو العصابة من العضو الصحيح إلا ما لا بد منه، هذا ومعروف وخاصة في الجبيرة فإنه يحتاج فيها إلى تغطية جزء من العضو الصحيح بالإضافة إلى محل الكسر حتى تتماسك الجبيرة ، ثم يمسح عليها مرة تعمها. وأما إذا تجاوزت الجبيرة المحل المصاب بدون حاجة فلا بد من نزعها عن المحل السليم لغسله ولا يصح مسحه هذا إذا كان نزعها لا يضر بالمريض.
4-          والجبيرة أو العصابة  التي يشدها لا يشترط تقدم الطهارة على شدها، وليس فيها توقيت بزمن، بل يمسح عليها دائما في الوضوء والغسل، ما دام العذر قائما.

مراتب تطهير عضو الوضوء المصاب – بكسر أو جرح –

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:  إنه إذا وجد جرح في أعضاء الطهارة فله مراتب:

المرتبة الأولى: أن يكون مكشوفاً ولا يضره الغسل، ففي هذه المرتبة يجب عليه غسله إذا كان في محلٍ يُغسل.

المرتبة الثانية: أن يكون مكشوفاً ويضره الغسل دون المسح، ففي هذه المرتبة يجب عليه المسح دون الغسل، (اي يمسح فوق الجرح مباشرة)

المرتبة الثالثة: أن يكون مكشوفاً ويضره الغسل والمسح، فهنا يتيمم له.

المرتبة الرابعة: أن يكون مستوراً بلزقة أو شبهها محتاج إليها، وفي هذه المرتبة يمسح على هذا الساتر، ويغنيه عن غسل العضو ولا يتيمم.

صفة الطهارة ( وضوء أو غسل ) من كان عليه جبيرة ، أو عصابة:ـ

 وصفة طهارة من كان على بدنه عصابة أو جبيرة أن يغسل الأعضاء السليمة ويمسح على العضو الموضوع في الجبيرة ويجب أن يستوعب جميع الجبيرة بالمسح على مذهب جمهور الفقهاء .
فإذا قدرنا أن ذراع المتوضئ لزقة على جرح يحتاج إليها، فإنه يمسح عليها بدلاً عن الغسل وتكون هذه الطهارة كاملة، بمعنى أنه لو فُرض أن هذا الرَّجل نزع هذه الجبيرة أو اللزقة، فإن طهارته تبقى ولا تنتقض لأنها تمت على وجه شرعي.

ونزع اللزقة ليس هناك دليل على أنه ينقض الوضوء أو ينقض الطهارة.

ثانياً: للفائدة نبين :
الفرق بين المسح على الجبائر والعصائب والمسح على الخفين 
  1- المسح على العصائب والجبائر مؤقت بالشفاء وليس بالأيام:  إن المسح على العصائب والجبائر غير مؤقت بمدة معينة بل يجوز المسح بدون توقيت ما دام هنالك حاجة للعصائب والجبائر فمثلاً قد يحتاج وضع الرجل المكسورة في الجبس إلى شهر أو شهرين فيمسح طوال تلك المدة بخلاف المسح على الخفين والجوربين فإنه محدد بيوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر . 

2- لا يشترط أن توضع العصائب والجبائر على طهارة سابقة : وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم،  لما في ذلك من الحرج والمشقة فإن الإنسان قد يصاب في حادث مفاجئ ويحمل إلى المستشفى وتوضع يده أو رجله في الجبس ولا يمكنه التطهر قبل ذلك 

 3- يمسح على الجبيرة والعصابة في الوضوء والغسل بخلاف المسح على الخفين فلا يصح إلا في الوضوء فقط 

 4- لا يجوز المسح على العصائب والجبائر إن برء العضو وشفي من الجرح أو الكسر لأن المسح عليها رخصة مرهونة بالعذر فإذا زال العذر بطل المسح 

 5- إن مسح على العصابة أو الجبيرة ثم نزعها للبرء أو الشفاء فإن طهارته لا تنتقض لأنها تمت على وجه شرعي

ثالثاً: لزيادة الفائدة نذكر ما ألحق بالمسح في الوضوء لحاجة أو مشقة :

 1 ) العمامة ، والدليل عليها :
قال البخاري في صحيحه ،عن جعفر بن عمرو عن أبيه قال : (رأيت النبي يمسح على عمامته )  
وأيضا  ما روى مسلم عن  ابن المغيرة عن أبيه
( أن النبي مسح على الخفين ومقدم رأسه وعلى عمامته )

و لم يرد دليل على تكلُّف مسح الأذنين في الوضوء الذي مُسح فيه على العمامة ،فيُجْتَزئ بالمسح على العمامة وحدها عن مسح الأذنين مع الرأس؛ لأنها جزء منه كما صح بذلك الدليل
-
وإذا ظهر من الأذنين شيء مسح عليه استحبابا كما قال الشيخ بن العثيمين

2 ) وما يلبس في أيام الشتاء من القبعات الشاملة للرأس والأذنين الذي تكون في أسفله لفة على الرقبة، أي الذي يغطي الرأس والأذنين يجوز المسح عليها إلحاقا لها بالعمائم .

 
3 ) يجوز مسح المرأة على خمارها: قالوا : وكذا تمسح على خمارها إذا كان مداراً تحت حلقها .وكذا إذا لبّدت المرأة رأسها بالحناء فإنها تمسح عليه ، ولا حاجة إلى أن تحت الحناء
لما صح من أثر في مصنف ابن أبي شبية عن أم سلمة -رضي الله عنها - حيث ورد فيه: أنها كانت تمسح على الخمار ، فإن كانت المرأة لا تستطيع المسح على رأسها لمرض ونحوه من مشقَّة إِما لبرودة الجوِّ، أو لمشقَّة النَّزع واللَّفّ مرَّة أخرى فلها أن تمسح على الخمار دون أن تمسح على شيء من الرأس، وهذا مذهب الشافعية وجماعة.

وقاسوا خمار المرأة على عِمَامة الرَّجُل فقالوا: ( الخِمَار للمرأة بمنزلة العِمَامة للرَّجُل، والمشقَّة موجودة في كليهما.)  فجاز لها أن تمسح على خمار رأسها لهذه الأسباب ، وبالشرط الذي اسلفنا ، وعند انتفائها فلا يجوز استمرار المسح.
4) وعند المسح على أي مما ذكرنا فإنه يمسح عليها كلها أو أكثرها  

 5)  لا يجوز أن يمسح على الشماغ والطاقية والنعل والطربوش ونحوها  لمخالفتهم لشروط المسح على العمائم من صعوبة نزعها ، وتغطيتها للرأس كله . والله اعلم


No comments:

Post a Comment