Tuesday 27 May 2014

تفسير مختصر ، وربط للآيات وبيان المتشابهات لتثبيت الحفظ لسورة الشورى - ج3 والأخير







  سورة الشورى - ج3 والأخير

فيما سبق في الصفحة الرابعة من سورة الشورى عدد الله تعالى بعض آياته في الكون ، بسطه الرزق لعباده ، إنزال الغيث ، بثه الدواب في الأرض ، ومنها الإنسان ، وهو القادر على جمعهم ، ثم يذكر لنا آية أخرى من آياته التي لا نحصيها مهما جهدنا ، قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ‌ فِي الْبَحْرِ‌ كَالْأَعْلَامِ (32)إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّ‌يحَ فَيَظْلَلْنَ رَ‌وَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِ‌هِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ‌ شَكُورٍ‌ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ‌ ﴿(34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ (35)

قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ‌ فِي الْبَحْرِ‌ كَالْأَعْلَامِ)  أي ومن علاماته الدالة على قدرته السفن الجارية في البحر كأنها من عظمها أعلام،  والأعلام : الجبال، وواحد الجواري جارية، قال الله تعالى: ( إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية) (الحاقة  11)
في اللغة :
 سميت جارية لأنها تجري في الماء.
 والجارية : هي المرأة الشابة؛ سميت بذلك لأنها يجري فيها ماء الشباب.
والأعلام  عن مجاهد : القصور، واحدها علم؛ وقال الخليل : كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم، قالت الخنساء ترثي أخاها صخرا:
وإن صخرا لتأتم الهداة به ** كأنه علم في رأسه نار

 (إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّ‌يحَ فَيَظْلَلْنَ رَ‌وَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِ‌هِ  أي إذا سكن الريح فتبقى السفن سواكن على ظهر البحر لا تجري.
في اللغة : رواكد من ركد الماء ركودا ، أي سكن. وكذلك الريح والسفينة، والشمس إذا قام قائم الظهيرة. وكل ثابت في مكان فهو راكد، وركد الميزان استوى. وركد القوم هدؤوا، والمراكد : المواضع التي يركد فيها الإنسان وغيره.

(إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ‌ شَكُورٍ‌)  أي فيها دلالات وعلامات لكل صبار على البلوى،  شكور على النعماء. قال قطرب : نعم العبد الصبار الشكور، الذي إذا أعطي شكر وإذا أبتلي صبر،  فكم من مُنعم عليه غير شاكر، وكم من مبتلى غير صابر.
قال ابن القيم : والايمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر قال غير واحد من السلف الصبر نصف الايمان وقال عبدالله بن مسعود رضى الله عنه: "الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر" ولهذا جمع الله سبحانه بين الصبر والشكر في قوله (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ‌ شَكُورٍ‌)  في سورة ابراهيم وفي سورة حم عسق الشورى ، وفي سورة سبأ وفي سورة لقمان :
1.( وَلَقَدْ أَرْ‌سَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِ‌جْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ‌ وَذَكِّرْ‌هُم بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ‌ شَكُورٍ‌ ﴿ابراهيم: ٥﴾
2.( أَلَمْ تَرَ‌ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِ‌ي فِي الْبَحْرِ‌ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِ‌يَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ‌ شَكُورٍ‌ ﴿لقمان: ٣١﴾
3.(  فَقَالُوا رَ‌بَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِ‌نَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ‌ شَكُورٍ‌ ﴿سبإ: ١٩﴾

-     الخط العثماني في كتابة المصحف : ورود الواو وعدم ورودها:
 ورد في سورة الشورى كلمة ( يَعْفُواْ) في ثلاث مواضع، قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)( 25 الشورى)، وقوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ) (30 الشورى). أما الأخيرة في السورة  (وَيَعْفُ)  بدون واو لأنها معطوفة على الشرط ( إنْ يَشَأ يُسْكِنْ الرِّيحَ )  لذا جاءت مجزومة بحذف الواو (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ)( 34الشورى)
فالواو في (وَيَعْفُواْ) ليست واو الجماعة،  حتى لو كُتبت في القرآن ومعها ألف بعدها ( وإن كانت في هذه الصورة في الكتابة الإملائية الصحيحة تدل على واو الجماعة ) فهي لا تدل على الجماعة. هي واو الفعل فهي من أصل الفعل – هي لام الفعل - فهو فعل معتل الآخر [ أصله عفا يعفو ]، ومن أصل الفعل وليست للجماعة ، وقد وردت في سورة الشوري ثلاث مرات
أثر ذلك في القراءة :
فـ ( الواو) في الفعل هي من أصل الفعل ، وليست واوا مدية ، ففي القراءة لا تمد حركتين على أنه مد طبيعي ، بل تقرأ بالقصر – واو متحركة بالضمة –
وقوله تعالى : (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ ) أي لا محيد أو ملجأ ، أو ليس لهم فرار عن بأسنا ونقمتنا، فإنهم مقهورون بقدرتنا.
وقال تعالى : (فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ‌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَ‌بِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ‌ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُ‌ونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَ‌بِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُ‌هُمْ شُورَ‌ىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَ‌زَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُ‌ونَ )
(فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) أي مهما حصلتم وجمعتم فلا تغتروا به، فإنما هو متاع الحياة الدنيا، وهي دار دنيئة فانية زائلة لا محالة، (وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ‌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَ‌بِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)  أي وثواب الله تعالى خير من الدنيا وهو باق سرمدي، فلا تقدموا الفاني على الباقي، للمؤمنين الذين صبروا على ترك الملاذ في الدنيا ، وهم على ربهم يتوكلون يطلبون أن يعينهم على الصبر في أداء الواجبات وترك المحرمات. ثم قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ‌ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ) قال ابن عباس: كبير الإثم الشرك، والفواحش : الزنى ، أو ما أوجب حدا ،وقال قوم : كبائر الإثم: تقع على الصغائر مغفورة عند اجتنابها، أو الإستغفار منها، ولكن الإصرار عليها جعلها كبائر ، والفواحش داخلة في الكبائر، ولكنها تكون أفحش وأشنع كالقتل بالنسبة إلى الجرج، والزنى بالنسبة إلى المراودة، ( وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُ‌ونَ) أي سجيتهم تقتضي الصفح والعفو عن الناس، وقد ثبت في الصحيح: (أن رسول الله ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله) ،وفي حديث آخر كان يقول لأحدنا عند المعاتبة: (ما له تربت يمينه)، وقوله عزَّ وجلَّ: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَ‌بِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ)  أي اتبعوا رسله وأطاعوا أمره واجتنبوا زجره، وأقاموا أعظم العبادات وهي الصلاة، (وَأَمْرُ‌هُمْ شُورَ‌ىٰ بَيْنَهُمْ) أي لا يبرمون أمراً حتى يتشاوروا فيه، ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب وما جرى مجراها، كما قال تبارك وتعالى: ( وشاورهم في الأمر) ( آل عمران 159) ولهذا كان يشاورهم في الحروب ونحوها ليطيب بذلك قلوبهم، (وَمِمَّا رَ‌زَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)  وذلك بالإحسان إلى خلق الله الأقرب إليهم منهم فالأقرب، وقوله عزَّ وجلَّ: ( وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُ‌ونَ ) أي فيهم قوة الانتصار ممن ظلمهم واعتدى عليهم، ليسوا بالعاجزين ولا الأذلين، بل يقدرون على الانتقام ممن بغى عليهم، وإن كانوا مع هذا إذا قدروا عفوا، كما عفا رسول الله عن أولئك النفر الثمانين الذين قصدوه عام الحديبية، وكذلك عفوه عن غورث بن الحارث الذي أراد الفتك به حين اخترط سيفه وهو نائم، وكذلك عفا عن لبيد بن الأعصم الذي سحره عليه السلام، ومع هذا لم يعرض له ولا عاتبه مع قدرته عليه؛ والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جداً والله سبحانه أعلم.
قال تعالى : (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُ‌هُ عَلَى اللهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)  وَلَمَنِ انتَصَرَ‌ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْ‌ضِ بِغَيْرِ‌ الْحَقِّ ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)  وَلَمَن صَبَرَ‌ وَغَفَرَ‌ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ‌(43)
قوله تبارك وتعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ) كقوله تعالى: ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) ، وكقوله ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) الآية فشرع العدل وهو القصاص وندب إلى الفضل وهو ( العفو) كقوله جلَّ وعلا: ( والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له) ، ولهذا قال ههنا: ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله) أي لا يضيع ذلك عند الله كما صح ذلك في الحديث: (وما زاد الله تعالى عبداً بعفو إلا عزاً) وقوله تعالى: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) أي المعتدين وهو المبتدئ بالسيئة، ثم قال جلَّ وعلا: (وَلَمَنِ انتَصَرَ‌ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ) أي ليس عليهم جناح في الانتصار ممن ظلمهم، روى النسائي، عن عروة قال، قالت عائشة رضي الله عنها: ما علمت حتى دخلت عليَّ زينب بغير إذن وهي غضبى، ثم قالت لرسول الله : حسبك إذا قلبت لك ابنة أبي بكر درعها، ثم أقبلت عليَّ، فأعرضت عنها حتى قال النبي : (دونك فانتصري)، فأقبلت عليها حتى رأيت ريقها قد يبس في فمها ما ترد علي شيئاً فرأيت النبي يتهلل وجهه) ""أخرجه النسائي وابن ماجة واللفظ للنسائي" [ وقولها : (ما علمت حتى دخلت عليَّ زينب) أي ما علمت بتظاهر زوجات النبي عليها بسبب تحري الصحابة هداياهم يهدوها له في يوم عائشة تقربا له يعلمون حبه لها ، فبعثوا ابنته فاطمة رضي الله عنها تخاطبه في ذلك ، فردها ، ثم دخلت عليه زوجته زينب تكلمه ، فكان هذا الحوار ] وروى البزار عن عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله : (من دعا على من ظلمه فقد انتصر) ""أخرجه البزار والترمذي"". وقوله عزَّ وجلَّ: (إِنَّمَا السَّبِيلُ) أي إنما الحرج والعنت (عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْ‌ضِ بِغَيْرِ‌ الْحَقِّ ) أي يبدأون الناس بالظلم، كما جاء في الحديث الصحيح: (المستبّان ما قالا، فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم( أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي شديد موجع، ثم إن الله تعالى لما ذم الظلم وأهله وشرع القصاص قال نادباً إلى العفو والصفح: ( وَلَمَن صَبَرَ‌ وَغَفَرَ‌ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ‌) أي صبر على الأذى وستر السيئة إن ذلك  لمن الأمور المشكورة والأفعال الحميدة، التي عليها ثواب جزيل وثناء جميل. وقال الفضيل بن عياض: إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلاً فقل: يا أخي اعف عنه، فإن العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لا يحتمل قلبي العفو، ولكن انتصر كما أمرني اللّه عزَّ وجلَّ، فقل له: إن كنت تحسن أن تنتصر، وإلا فارجع إلى باب العفو، فإنه باب واسع، فإنه (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُ‌هُ عَلَى اللهِ ) ، وصاحب العفو ينام على فراشه بالليل، وصاحب الانتصار يقلب الأمور) ""رواه ابن أبي حاتم من كلام الفضيل رضي الله عنه"". وروى الإمام أحمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رجلاً شتم أبا بكر رضي الله عنه والنبي جالس، فجعل النبي يعجب ويبتسم، فلما أكثر رد عليه بعض قوله، فغضب النبي ، وقام فلحقه أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله إنه كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت، وقمت، قال: (إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله حضر الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان)! ثم قال: (يا أبا بكر، ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظلم بمظلمة فيُغضي عنها لله إلا أعزه الله تعالى بها ونصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة) "أخرجه أحمد وأبو داود واسناده صحيح ، السلسلة الصحيحة للألباني وهذا الحديث في غاية الحسن في المعنى وهو مناسب للصديق رضي الله عنه.
متشابه :
في سورة لقمان جاءت الآية (واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) أما هنا في سورة الشورى (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) آية 43 ، ففي هذه الآية ورد ذكر أمرين الصبر والغفران وهما أشدّ من الصبر وحده التي وردت في سورة لقمان فكانت الحاجة لتوكيد الأمر باستخدام لام التوكيد والقسم في كلمة (لمن) لأنه أشقّ على النفس. فالصبر قد يقدر عليه كثير من الناس لمن أن يصبر ويغفر هذا بالطبع لا يقدر عليه الكثيرون ويحتاج إلى مشقة أكبر لذا اقتضى توكيد الأمر بأنه من عزم الأمور مؤكداً بخلاف الصبر وحده الذي ورد في سورة لقمان. د.فاضل السامرائي

وقال تعالى : (وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ ۗ وَتَرَ‌ى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَ‌أَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَ‌دٍّ مِّن سَبِيلٍ (44)  وَتَرَ‌اهُمْ يُعْرَ‌ضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُ‌ونَ مِن طَرْ‌فٍ خَفِيٍّ ۗ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِ‌ينَ الَّذِينَ خَسِرُ‌وا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ (45) وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاءَ يَنصُرُ‌ونَهُم مِّن دُونِ اللهِ ۗ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ  فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ (46)
قوله تعالى: ( وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ )  أي من يخذله الله فليس له من بعد الله ولي ولا محب ، هذا فيمن أعرض عن النبي فيما دعاه إليه من الإيمان بالله والمودة في القربي، ولم يصدقه في البعث وأن متاع الدنيا قليل. أي من أضله الله عن هذه الأشياء فلا يهديه هاد. (وَتَرَ‌ى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَ‌أَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَ‌دٍّ مِّن سَبِيلٍ) أي الكافرين لما رأوا اعذاب جهنم. وقيل رأوا العذاب عند الموت، يطلبون أن يردوا إلى الدنيا ليعملوا بطاعة الله فلا يجابون إلى ذلك. قوله عزَّ وجلَّ (وَتَرَ‌اهُمْ يُعْرَ‌ضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُ‌ونَ مِن طَرْ‌فٍ خَفِيٍّ)  أي يعرضون على النار، قد اعتراهم الذل بما أسلفوا من عصيان الله تعالى،  ينظرون نظرة ذليل، ينظرون إليها مسارقة خوفاً منها، والذي يحذرون منه واقع بهم لا محالة، ( وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِ‌ينَ الَّذِينَ خَسِرُ‌وا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) أي يقول المؤمنون يوم القيامة إن الخسران الأكبر،هو خسران الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، أي ذهب بهم إلا النار فعدموا لذتهم في دار الأبد، وفرق بينهم وبين أحبابهم وأصحابهم فخسروهم، (أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ)  أي عذاب دائم سرمدي أبدي، لا خروج لهم منها ولا محيد لهم عنها. وقوله تعالى: ( وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاءَ يَنصُرُ‌ونَهُم مِّن دُونِ اللهِ ۗ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ  فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ) أي ليس لهم أصدقاء أو محبين ينقذونهم مما هم فيه من العذاب والنكال، ومن يضلل الله فليس له خلاص.
وقال تعالى : (اسْتَجِيبُوا لِرَ‌بِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَ‌دَّ لَهُ مِنَ الله ۚ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ‌ (47)  فَإِنْ أَعْرَ‌ضُوا فَمَا أَرْ‌سَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَ‌حْمَةً فَرِ‌حَ بِهَا ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ‌ (48)
لما ذكر تعالى ما يكون في يوم القيامة من الأهوال والأمور العظام الهائلة حذر منه وأمر بالاستعداد له، فقال: (اسْتَجِيبُوا لِرَ‌بِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَ‌دَّ لَهُ مِنَ الله)  أي إذا أمر بقيامه، فإنه كلمح البصر يكون، وليس له دافع ولا مانع، وقوله عزَّ وجلَّ: (مَا لَكُم مِّن مَّلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ‌)  أي ليس لكم حصن تتحصنون فيه، ولا مكان يستركم وتتنكرون فيه، فتغيبون عن بصره تبارك وتعالى، بل هو محيط بكم بعلمه وبصره وقدرته، فلا ملجأ منه إلا إليه ، وقوله تعالى: (فَإِنْ أَعْرَ‌ضُوا فَمَا أَرْ‌سَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ )  يعني إن أعرض المشركون فلست عليهم بمصيطر، وإنما كلفناك أن تبلغهم رسالة الله إليهم، ثم قال تعالى: ( وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَ‌حْمَةً فَرِ‌حَ بِهَا )  أي إذا أصابه رخاء ونعمة فرح بذلك ( وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ‌)  وأن يصيب الناس سيئة من جدب ونقمة وبلاء وشدة، فإنه يجحد ما تقدم من النعم، ولا يعرف إلا الساعة الراهنة، فإن أصابته نعمة أشر وبطر، وإن أصابته محنة يئس وقنط، ولكن المؤمن كما قال : (إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن).

ما الفرق بين (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا )(50 فصلت) وهنا في الشورى (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ) (48) ، ما دلالة استعمال (لئن) و(إذا)؟  (د.فاضل السامرائى)
نعرف الفرق بين (إذا) و(إن). إذا تستعمل فيما هو كثير وفيما هو واجب و(إن) لما هو أقلّ عموم الشرط وقد يكون آكد وقد يكون مستحيل وقد يكون قليل
 هذه القاعدة. الكثير نستعمل له (إذا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ (6) المائدة) الجُنُب أقل، (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ (25) النساء) كل البنات محصنات .(إذا) إما للمقطوع به أو كثير الوقوع (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا (86) النساء) (إن) تستعمل لما هو أقل أولما هو نادر أو لما ليس له وجود أصلاً. (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ (21) يونس) عموم الناس قد تصبهم رحمة. رحمة الله تعالى تصيب عموم الناس، وإذا مس الناس الضر دعوا ربهم، إذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها، هذا كثير. (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً) هنا مشار إلى واحد من جنس الإنسان ، (ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ) هذه حالة أقل من الأولى، هذه حالة تربية (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ) حالة ذكرها فردية وليس فقط فردية وإنما يذيقه رحمة وينزعها منه. (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ (50) فصلت) (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) هود) هذه حالة فردية أما تلك فحالات عامة.
في الحالة الفردية يستعمل (إن) وفي الحالة المطلقة يستعمل (إذا). حتى لما يذكر الصفات قال (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) هود) تصبهم عام، ولئن أذقنا الإنسان هذه أقل. فالحالات الفردية القليلة يستعمل لها (إن) وفي الحالات العامة يستعمل (إذا).

قال تعالى: ( لله مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ‌ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَ‌انًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ‌ (50)
يخبر تعالى أنه خالق السماوات والأرض، ومالكهما والمتصرف فيهما، وأنه يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، وأنه يخلق ما يشاء (يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا )  أي يرزقه البنات فقط ، وقيل :إن من يمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، وذلك أن الله بدأ بالإناث في تعداد وهبته وفضله ،  (وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ‌) أي يرزقه البنين فقط، (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَ‌انًا وَإِنَاثًا ) أي ويعطي لمن يشاء الزوجين الذكر والأنثى أي من هذا وهذا، (وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ) أي لا يولد له، فجعل الناس أربعة أقسام: منهم من يعطيه البنات، ومنهم من يعطيه البنين، ومنهم من يعطيه من النوعين وذكوراً وإناثاً، ومنهم من يمنعه هذا وهذا، فيجعله عقيماً لا نسل له ولا ولد.
في اللغة :
رجل عقيم، وامرأة عقيم. وعقمت المرأة تعقم عقما؛ مثل حمد يحمد حمداً،.
وأصله القطع، ومنه المُلْك العقيم، أي تقطع فيه الأرحام بالقتل والعقوق خوفا على الملك. وريح عقيم؛ أي لا تلقح سحابا ولا شجراً، ويوم القيامة يوم عقيم؛ لأنه لا يوم بعده. ويقال : نساء عُقْمٌ .
وحكى النقاش أن هذه الآية نزلت في الأنبياء خصوصا وإن عم حكمها. وهب للوط الإناث ليس معهن ذكر، ووهب لإبراهيم الذكور ليس معهم أنثى، ووهب لإسماعيل وإسحاق ومحمد الذكور والإناث، وجعل عيسى ويحيى عقيمين.
 وتختتم الآية بقوله تعالى: ( إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) والعليم يهب على قَدْر علمه بالأمور، وبما يصلح عبده وما لا يصلحه، فهو وحده سبحانه الذي يعلم أن هذا يصلح هنا، وهذا يصلح هنا، ثم هو سبحانه (قَدِيرٌ) له القدرة المطلقة في مسألة الخَلْق، لا يعجزه شيء ولا تقيده الأسباب. فسبحان العليم القدير.
وقال تعالى : (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ‌ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَ‌اءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْ‌سِلَ رَ‌سُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُ‌وحًا مِّنْ أَمْرِ‌نَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِ‌ي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورً‌ا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَ‌اطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52) صِرَ‌اطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ‌ضِ ۗ أَلَا إِلَى اللهِ تَصِيرُ‌ الْأُمُورُ‌ (53)
وتختتم السورة بما بدأت به ، وهو الوحي ، وفي هذه الآيات بين الله تعالى صور الوحي بالنسبة إلى جناب الرب جلَّ وعلا، فتارة يقذف في روع النبي وحياً لا يتمارى فيه أنه من الله عزَّ وجلَّ، كما جاء في صحيح ابن حبان عن رسول الله أنه قال: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا اللّه وأجملوا في الطلب)صححه الألباني،  وقوله تعالى: (أَوْ مِن وَرَ‌اءِ حِجَابٍ) أي كما كلّم موسى عليه الصلاة والسلام، فإنه سأل الرؤية بعد التكليم فحجب عنها. وفي الصحيح أن رسول الله قال لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما: ( ما كلّم الله أحداً إلا من وراء حجاب وإنه كلّم أباك كفاحاً) صححه الألباني في صحيح ابن ماجة،  كذا جاء في الحديث. وكان قد قتل يوم أُحُد ولكن هذا في عالم البرزخ، والآية إنما هي في الدار الدنيا. وقوله عزَّ وجلَّ: (أَوْ يُرْ‌سِلَ رَ‌سُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ)  كما ينزل جبريل عليه الصلاة والسلام وغيره من الملائكة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) فهو علي عليم، خبير حكيم. وقوله عزَّ وجلَّ: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُ‌وحًا مِّنْ أَمْرِ‌نَا )  يعني القرآن، (مَا كُنتَ تَدْرِ‌ي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ)  أي على التفصيل الذي شرع لك في القرآن، (وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورً‌ا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا)  أي القرآن نوراً يهدي به الله من يشاء من عباده ، كقوله تعالى: ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ‌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى )،وقوله تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَ‌اطٍ مُّسْتَقِيمٍ) أي إنك يا محمد تهدي إلى طريق الخالق القويم، ثم فسره بقوله تعالى: ( صِرَ‌اطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ‌ضِ)  أي شرعه الذي أمر به الله، رب السموات والأرض ومالكهما والمتصرف فيهما والحاكم الذي لا معقب لحكمه، (أَلَا إِلَى اللهِ تَصِيرُ‌ الْأُمُورُ‌) أي ترجع الأمور فيفضلها ويحكم فيها، وفيها وعيد بالبعث والجزاء. سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيراً.
تم بحمد الله وفضله ومنته تفسير سورة الشورى

No comments:

Post a Comment