Monday 19 May 2014

صحابيات حول رسول الله ﷺ - أسماء بنت أبي بكر



  


نسبها :
 
أسماء بنت أبي بكر هي أسماء بنت عبد الله بن عثمان التيمية، فهي ابنة أبي بكر الصديق وأمها قتلة أو قتيلة بنت عبد العزى قرشية من بني عامر بن لؤي، لم تسلم .
 أم عبد الله بن الزبير القريشية التميمية ، وأخت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وتكبرها بعشر سنين،هي آخر المهاجرات وفاة ، ذات النطاقين.
هاجرت إلى المدينة حاملا بابنها عبد الله .
 
دورها فى الهجرة:

تحكي أَسْمَاءَ دورها في الهجرة ، قَالَتْ: صنعت سفرة للنبي في بيت أبي  حين أراد أن يهاجر ، فلم أجد لسفرته ولا لسقائه ما أربطهما ، فقلت لأبي : ما أجد إلا نطاقي ، قال : شقيه باثنين ، فاربطي بهما .
فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ: ذَات النِّطَاقَيْن.
 
عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ:
لَمَّا تَوَجَّهَ النَّبِيُّ مِنْ مَكَّةَ، حَمَلَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ جَمِيْعَ مَالِهِ - خَمْسَةَ آلاَفٍ، أَوْ سِتَّةَ آلاَفٍ - فَأَتَانِي جَدِّي أَبُو قُحَافَةَ وَقَدْ عَمِيَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَدْ فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ.
فَقُلْتُ: كَلاَّ، قَدْ تَرَكَ لَنَا خَيْراً كَثِيْراً.
فَعَمَدْتُ إِلَى أَحْجَارٍ، فَجَعَلْتُهُنَّ فِي كُوَّة البَيْت، وَغَطَّيْت علَيْهَا بِثَوْب، ثم أَخَذْت بِيَده، وَوَضَعْتُهَا عَلَى الثوْبِ، فَقُلْت: هَذَا تَرَكَهُ لنا.
فقَال: أَمَا إِذْ تَرَكَ لَكُم هَذَا، فنَعَم.
 وبعد ان هاجر النبي  وصاحبه أبو بكروتركوا البيت ، وبينما كانت نائمة أيقظها طرق قوي على الباب، وكان أبو جهل يقف والشر والغيظ يتطايران من عينيه، يسألها عن والدها، قالت أَسْمَاءَ:
أَتَى أَبُو جَهْلٍ فِي نفرٍ، فَخَرَجتُ إليهمْ، فقالوا: أينَ أَبوكِ؟
قُلْتُ: لاَ أَدْرِي وَاللهِ  أَيْنَ هُو؟
فَرَفَعَ أَبو جَهْل يدَه، وَلَطمَ خَدي لَطْمَة خر منْهَا قُرْطِي، ثم انْصرفُوا.
فَمَضَتْ ثلاث، لاَ نَدْرِي أَيْنَ تَوجهَ رَسُوْلُ اللهِ إِذْ أَقْبَل رَجُل من الجِنِّ يَسْمَعُوْنَ صَوْتَه بِأَعلى مَكةَ، يَقوْل:
جَزَى اللهُ رَبّ النَّاس خَيْرَ جَزَائِهِ * رَفِيْقَيْنِ قَالا خَيمَتَيْ أُمِّ مَعَبْد
 
زواجها من الزبير وحياتها فى المدينة:

وَرَوَى عُرْوَةُ بن الزبير عَنْهَا، قَالَتْ:
تزوجني الزبير وما له شيء غير فرسه، فكنت أسوسه وأعلفه، وأدق لناضحه النوى ، وأستقي ، وأعجن ، وكنت أنفل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله على رأسي ، وهي على ثلثي فرسخ  ، فجئت يوما والنوى على رأسي ، فلقيت رسول الله ومعه نفر فدعاني ، فقال : ( أخ ، أخٍ ) ليحملني خلفه ، فاستحييت ، وذكرت الزبير وغيرته ، قالت : فمضى
فلما أتيت ، أخبرت الزبير فقال: وَاللهِ، لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوْبِكِ مَعَهُ!
قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدُ بِخَادِمٍ، فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي.
  أسماء وأمها الكافرة:
وَعَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي أَسْمَاءَ؛ وَكَانَتْ أُمُّهَا يُقَالُ لَهَا: قُتَيْلَةُ، جَاءتْهَا بِهَدَايَا؛ فَلَمْ تَقْبَلْهَا، حَتَّى سَأَلَتِ النَّبِيَّ
فَنَزَلَتْ: ( لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِيْن لَمْ يُقَاتِلُوْكُم فِي الدِّيْنِ...)
وَفِي صَّحِيْحِ البخاري: قَالَتْ أَسْمَاء: يَا رَسُوْل الله! إِنَّ أُمي قَدمت، وهي راغبَة، أفَأَصِلهَا؟
قَالَ: (نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ).
 
طلاقها من الزبير : 

عَنْ هِشَامٍ صاحب السير، أَنَّ عُرْوَةَ قَالَ:
ضرب الزبير أسماء ، فصاحت بعبد الله ابنها ، فأقبل ، فلما رآه الزبير قال : أُمك طالق إن دخلت .
فَقَالَ: أَتَجْعَلُ أَمِّي عرْضَة لِيَمينك!
فَاقْتَحَمَ، وَخَلَّصَهَا. قَالَ: فَبانَتْ مِنْه.
عَنْ هِشَامِ بنِ عروة: أَنَّ الزبيرَ طَلَّقَ أَسْمَاءَ؛ فَأَخَذَ عُروة، وَهُوَ يومئذ صغير.
 
أخلاقها و صفاتها:

كَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ سَخِيَّةَ النَّفْسِ.
عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، سَمِعتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ؛ وَجُوْدُهُمَا مُخْتَلِفٌ: أَمَّا عَائِشَةُ، فَكَانَتْ تَجْمَعُ الشَّيْءَ إِلَى الشَّيْءِ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَ عِنْدَهَا وَضَعَتْهُ مَوَاضِعَهَ، وَأَمَّا أَسْمَاءُ، فَكَانَتْ لاَ تَدَّخِرُ شَيْئاً لِغَدٍ.
 
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ تَصْدَعُ، فَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا، وتقول: بِذَنبِي، وَمَا يَغْفِرُهُ اللهُ أَكْثَرُ.
 
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ: أَنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ تَمْرَضُ المَرْضَةَ، فَتَعْتِقُ كُلَّ مَمْلُوْكٍ لَهَا.
 
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلْرُّؤْيَا، أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَخَذَتْ عَنْ أَبِيْهَا.
 
عن شُعَيْبُ بنُ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
قَالَتْ أَسْمَاءُ لابْنِهَا: يَا بُنَيَّ، عِشْ كَرِيْماً، وَمُتْ كَرِيْماً، لاَ يَأْخُذْكَ القَوْمُ أَسِيْراً.
 
قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: كَثُرَ اللُّصُوْصُ بِالمَدِيْنَةِ؛ فَاتَّخَذَتْ أَسْمَاءُ خِنْجَراً زَمَنَ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ، كَانَتْ تَجْعَلُهُ تَحْتَ رَأْسِهَا.

مقتل ابنها عبد الله بن الزبير:
 
قَالَ عُرْوَةُ:ابنها:  دَخَلْتُ أَنَا وَأَخِي  قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ – عبد الله بن الزبير عَلَى أُمِّنَا بِعَشْرِ لَيَال، وَهِيَ وَجِعَةٌ. فَقَالَ عبد اللهِ: كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ؟
قَالَتْ: وَجِعَةٌ. قَالَ: إِنَّ فِي المَوْتِ لَعَافِيَةً.
قَالَتْ: لَعَلَّكَ تشتهي مَوْتِي؛ فَلاَ تفعل.
وضحكت، وَقَالَت: وَاللهِ، مَا أَشْتَهِي أَنْ أَمُوْتَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ: إِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبُكَ؛ وَإِمَّا أَنْ تَظْفَرَ فَتَقَرَّ عَيْنِي، إِيَّاكَ أَنْ تُعْرَضَ عَلَى خُطَّةٍ فَلاَ تُوَافِقَ، فَتَقْبَلُهَا كَرَاهِيَةَ المَوْتِ.
قَالَ: وَإِنَّمَا عَنَى أَخِي أَنْ يُقْتَلَ، فَيَحْزُنُهَا ذَلِكَ.
وَكَانَتْ بِنْتَ مائَةِ سَنَةٍ. 
 
بين أسماء بنت أبي بكر والحجاج:
 
لمَّا قتلَ الحَجَّاجُ ابن الزُّبَيْر، دخل على أَسمَاء، وقال لها: يا أُمَّه، إنَّ أمِير المؤْمنينَ وصَّانِي بِك، فهل لَكِ مِنْ حاجة؟
قَالَتْ: لست لك بأم ، ولكني أمُ المصلوب على رأس الثنية . وما لي من حاجة ، ولكن أحدثك:
سمعْتُ رَسوْلَ اللهِ يقُوْل: (يَخْرُجُ فِي ثَقِيْفٍ كَذَّابٌ، وَمُبِيْرٌ).
فأمّا الكذاب فقد رأيناه- تعني المختار- وأمّا المبير فأنت ، فقال لها : مبير المنافقين  .
[ المبير هو: الذي يسفك الدماء، ويعتدي على الناس، ويظلمهم، ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي ].
 
وعن يحيى بن يعلى التيمي، عن أبيه قال: دخلتُ مكة بعد قتل ابن الزبير بثلاث وهو مصلوب ، فجاءت أمهُ عجوزٌ طويلة عمياء ،
فَقَالَتْ للحجَّاج: أَمَا آنَ لِلرَّاكِبِ أَنْ يَنْزِلَ.
فَقَالَ: المنَافِق؟
قَالَتْ: وَالله مَا كان منافقاً، كان صوَّاماً، قوَّاماً براً.
قَالَ: انْصَرِفِي يا عجوز فقد خرقتِ. ( أي قد خرَّفت)
قَالَتْ: لاَ وَاللهِ، مَا خرقْت منْذ سَمعت رسوْل الله يقوْل: (في ثقِيْف كذّاب وَمُبِيْرٌ.) الحَدِيْثَ.
 
و روى: أنّ الحجاج دخل على أسماء ، فقال : إنّ ابنك الْحَدَ في هذا البيت ،وإن الله أذاقه من عذاب أليم .[ الْحَدَ : أي مال عن الصواب والطريق المستقيم ]
قالت: كذبت ، كان برا بوالدته ، صواما قواما، ولكن قد أخبرنا رسول الله أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ ثَقِيْفٍ كَذَّابَانِ، الآخَرُ مِنْهُمَا شَرٌّ مِنَ الأَوَّلِ، وَهُوَ مُبِيْرٌ.

قيْل لابْن عمرَ: إِنَّ أسْمَاء فِي نَاحِيَة المَسجد – وذلك حين صلب ابن الزبير – فمال إليها فقال : إِنَّ هَذِهِ الجُثَثَ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا الأَرْوَاحُ عِنْدَ اللهِ؛ فَاتَّقِي اللهَ، وَاصْبِرِي.
قالت: وَمَا يَمْنَعُنِي، وَقَدْ أُهْدِيَ رَأْسُ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا إِلَى بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيْلَ.
 
عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: دخلت على أسماء بعد ما أصيب ابن الزبير ، فقال :
دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ بَعْدَ مَا أُصِيْبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ:
بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا صَلَبَ عَبْدَ اللهِ؛ اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي حَتَّى أُوتَى بِهِ، فَأُحَنِّطَهُ، وَأُكَفِّنَهُ.
فأُتيت به بعد ذلك ، فجعلت تحنطه بيدها ، وتكفنه بعد ما ذهب بصرها.وقال : وصلت عليه ، وما أتت عليه جمعة إلا ماتت.
 
وفاتها 

عَنِ الركين بن الربيع قال : دخلت على أسماء بنت أبي بكر وقد كبرت وهي تصلي ، وامرأة تقول لها : قومي ، اقعدي ، افعلي – من الكبر -.
ماتت بعد ابنها بليال، وكان قتله لسبع عشر خلت من جمادي الأولى ، سنة ثلاث وسبعين ، وكانت خاتمة المهاجرات ، رحمها الله ورضى عنها وأرضاها.

No comments:

Post a Comment