Thursday 29 May 2014

تدبر آيات من القرآن العظيم - الحزب الثاني والعشرون - ثواب الإحسان في الدنيا والآخرة



تدبر أيات من القرآن العظيم – الحزب الثاني والعشرون - سورة يونس- ثواب الإحسان في الدنيا والآخرة
تعريف بسورة يونس:
- سبب التسمية :

سميت ‏السورة ‏‏" ‏سورة ‏يونس ‏‏" ولم يذكر فيها قصة نبي الله يونس بن متى ( ذكرت قصته في سور أخرى منها الصافات ، والأنبياء ، القلم ) ولكن  ‏لذكر ‏قصة قومه  ‏فيها ‏وما ‏تضمنته ‏من ‏العظة ‏والعبرة ‏برفع ‏العذاب ‏عنهم ‏حين ‏آمنوا ‏بعد ‏أن ‏كاد ‏يحل ‏بهم ‏البلاء ‏والعذاب ‏وهذا ‏من ‏الخصائص ‏التي ‏خصَّ ‏الله ‏بها ‏قوم ‏يونس ‏لصدق ‏توبتهم ‏وإيمانهم .‏ قال تعالى :
فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْ‌يَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ (98)
- وسورة يونس هي أول السور في ترتيب المصحف التي سميت بأسماء الأنبياء ، تلتها سورة هود ثم يوسف ، وإبراهيم فصلت عنها بالرعد ، ثم سورة محمد  ونوح آخرها.

- وهي سورة  مكية .ماعدا الآيات " 40 ، 94 ، 95 ، 96 " فمدنية .
- هي السورة العاشرة في ترتيب المصحف.
- نزلت بعد سورة " الإسراء ".  وترتيبها في النزول 55  .
- سورة يونس كونها من السور المكية فهي تُعْنى بأصول العقيدة الإسلامية " الإيمان بالله تعالى، والإيمان. بالكتب، والرسل، والبعث والجزاء" وهي تتميز بطابع التوجيه إلى الإيمان بالرسالات السماوية، وبوجه أخص إلى "القرآن العظيم" خاتمة الكتب المنزلة، والمعجزة الخالدة على مدى العصور والدفاع عنه وبيان أعجازه ، والتحدي به:
( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين) ( 38 )
-     تحدثت السورة الكريمة في بدايتها عن الرسالة والرسول ، وبينَّت أنه
ما من أمةٍ إلا بعث الله إلها رسولاً، فلا داعي للمشركين للعجب من بعثه خاتم المرسلين، قال تعالى : (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ)  
في هذه السورة آية بشارة للمؤمنين ما بعدها من بشارة ، لحياتهم في الدنيا وللآخرة ، قال عز من قائل:ـ
(  لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) 26 سورة يونس
يخبر الحق تبارك وتعالي ان لمن أحسن العمل في الدينا بالإيمان والعمل الصالح لهم الجزاء الأوفي وهو يشمل عمل الدنيا والاخرة لأن الإسلام دين العاملين لخير الدنيا ورخائها ونعيم الاخرة ورضوانها والذين يعملون الصالحات لهم الحسني في الآخرة كما ان لهم العزة والزيادة في الدنيا وهل جزاء الاحسان إلا الاحسان..
والزيادة هي تضعيف ثواب الاعمال الحسنة ، ودليل ذلك قوله بعد هذه الآية
( وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْ‌هَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ ) 27 ، فبين هنا أن السيئات تجزى بمثلها ، فما كان من قبل في ذكر الحسنات ففيها الزيادة
ويشمل أيضا الزيادة ما يعطيهم الله في الجنة من القصور والنعيم والرضا وما أخفاه لهم من قرة أعين وأفضل من ذلك وأعلاه النظر الي وجهه الكريم فانه زيادة اعظم من جميع ما اعطوه لا يستحقونها بعملهم بل بفضله ورحمته
وقد روي تفسير الزيادة بالنظر الي وجهه الكريم الجمهور من السلف والخلف روي الامام احمد عن صهيب رضي الله عنه ان رسول الله تلا هذه الآية "للذين احسنوا الحسني و زيادة" ، قال: ( إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادي مناد أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن يجزيكموه فيقولون وما هو ألم يثقل موازيننا؟ ألم يبيض وجوهنا؟ ويدخلنا الجنة ويُجِرنا من النار؟ قال فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه فو الله ما أعطاهم الله شيئاً أحب اليهم من النظر اليه ولا أقر لأعينهم. )
ويدل عليه أيضا قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ * إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)  [القيامة: 23- 22]
وقيل أيضا في تفسيرها : الحسنى الجنة، والزيادة ما أعطاهم الله في الدنيا من فضله لا يحاسبهم به يوم القيامة.

وقيل: ( أَحْسَنُوا) أي معاملة الناس، أو بالإيمان فعملوا به  (الْحُسْنى) : شفاعتهم، والزيادة: إذن الله تعالى فيها وقبوله.
 قوله تعالى: ( وَلا يَرْهَقُ) قيل: معناه يلحق، ومنه قيل: غلام مراهق إذا لحق بالرجال.
(قَتَرٌ) غبار، (وَلا ذِلَّةٌ) أي مذلة، كما يلحق أهل النار، أي لا يلحقهم غبار في محشرهم إلى الله ولا تغشاهم ذلة.
هؤلاء أهل طاعة الله عز وجل والوفاء بعهده  ( ففي رحمة الله هم فيها خالدون) أي في جنته ودار كرامته خالدون باقون . جعلنا الله منهم وجنبنا طرق البدع والضلالات ووفقنا لطريق الذين آمنوا وعملوا الصالحات . آمين .
ملاحظة في القراءة :
قال الله عز وجل: ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (يونس35).
وهنا مسألة في قوله تعالى: ( أَمَّن لا يَهِدّيَ) كتبت ، وتقرأ بكسر الهاء وتشديد الدال، خلافًا للفعل الأول ( يَهْدي )  وما الفرق بين الفعلين، من حيث التخفيف في الأول، والتشديد في الثاني؟ وفي الإجابة عن ذلك نورد ما قاله أهل اللغة:
أولاً- قال الزمخشري في كشافه: يقال: هدى بنفسه بمعنى: اهتدى؛ كما يقال: شرَى بمعنى: اشترى؛ ومنه قوله: ( أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ )، وقرىء:(لا يَهَدِّى) بفتح الهاء وكسرها، مع تشديد الدال، والأصل: يهْتَدي، فأدغمت التاء في الدال فصارت الدال مشددة ، وفتحت الهاء بحركة التاء التي أدغمت فتقرأ (لا يَهَدِّى) ، أو كسرت الهاء لالتقاء الساكنين فتقرأ (لاَّ يَهِدِّيَ ) ، وقد كسرت الياء لإتباع ما بعدها.
وحاصل كلام الزمخشري أن في قوله تعالى:( أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ ) ثلاث قراءات: 
الأولى: ( أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ ) بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال، وهي قراءة يعقوب، وحفص، والأعمش عن أبي بكر.
الثانية: ( أَمَّن لاَّ يَهَدِّي ) بفتح الياء والهاء وتشديد الدال، وهي قراءة ابن كثير، وابن عامر، وورش عن نافع، واختيار أبي عبيدة، وأبي حاتم. قال الشيخ ابن عطيَّة في تفسير المحرر الوجيز: ( وهذه أفصح القراءات  )
الثالثة: ( أَمَّن لاَّ يِهِدِّي )  بإتْباع الياء للهاء في الكسر وتشديد الدال، وهي قراءة حماد، ويحيى بن آدم  عن أبي بكر، عن عاصم.

 

No comments:

Post a Comment