Wednesday 14 May 2014

سلسللة الفقه الميسر - الدرس الخامس عشر - الإستحاضة



  


تعريف الاستحاضة
دم علة ومرض يخرج من عرق من أدنى الرحم يقال له العاذل، وهذا الدم ينقض الوضوء، ولا يوجب الغسل، ولا يوجب ترك الصلاة ولا الصوم، فالمستحاضة تغسل الدم، وتربط على موضعه، وتتوضأ لكل فرض، وتصلي.
روى أبو داود  وغيره عن فاطمة بنت أبي حبيش: أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي :( إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي، فإنما هو عرق )
[ يُعرف: تعرفه النساء عادة. عرق: أي ينزف. الآخر: الذي ليست صفته كذلك].
روى البخاري  ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي: وقالت: يا رسول الله، إني امرأة استحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله : (لا، إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة ، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي).
وفي الحديث مسألة : المستحاضة إذا أطبق عليها الدم هل ترجع إلى عادتها أم ترجع إلى تمييزها ؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال :
القول الأول : أنها تعمل بالعادة وحدها , وهذا هو مذهب أبي حنيفة والحنابلة ووجه عند الشافعي وشيخ الإسلام .
واستدلوا بما رواه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها في قصة فاطمة بنت أبي حبيش قال لها النبي : " دعي الصلاة قدرالأيام التي كنت تحيضين بها "صريح في ردها للعادة
ورواية عند البخاري أيضاً : " إذا ذهب قدرها فاغتسلي "وفي لفظ " تدعُ الصلاةَ أيامَها " وفي لفظ " فدعي الصلاة عدد أيامك " .
هذه الألفاظ كلها صريحة في العادة .
وروى مسلم في صحيحه من حديث عائشة أن أم حبيبة استحاضت فسألت النبي ، فقال لها النبي:( امْكُثِى قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي) .
وهذا صريح في أن المستحاضة تعود للعادة .
عن عائشة رضي الله عنها : أنَّ أمَّ حبيبةَ بنتَ جحشٍ التي كانتْ تحتَ عبدِالرحمنِ بنِ عوفٍ ، وأنهَّا استُحيضَتْ لا تطهُرُ ، فذُكِر شأنُها لرسولِ اللهِ فقال :( إنها ليسَتْ بالحيضةِ ، ولكنَّها ركضةٌ منَ الرحِمِ ، فلتنظُرْ قدرَ قَرئِها التي كانتْ تَحيضُ لها ، فلْتترُكِ الصلاةَ ، ثم تنظُرْ ما بعدَ ذلك ، فلْتغتسِلْ عندَ كلِّ صلاةٍ) النسائي ، قال الألباني إسناده صحيح.
 
القول الثاني:أنها ترجع إلى التمييز وهذا مذهب مالك والشافعي ورواية عن أحمد .
اي تمييز الدم هل هو دم حيض ( له رائحة ، ولونه داكن ، ولا يتخثر ، أم أنه لا دم استحاضة، رقيق القوام، أحمر قاني، لا رائحة مميزة له ؟ ) 
وأدلة القول الثاني :ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت :
جاءتْ فاطمةُ بنتُ أبي حُبيشٍ إلى النبيِّ قالت : يا رسولَ اللهِ إني امرأةٌ أستحاضُ فلا أطهُرُ أفأدَعُ الصلاةَ ؟ فقال: ( لا إنما ذلك عِرْقٌ وليس بالحيضةِ , فإذا أقبلتِ الحيضةُ فدعي الصلاةَ، وإذا أدبرتْ فاغسلي عنكِ الدمَ وصلِّي )  رواه مسلم
أي أنه أعادها إلى تمييزها هي للدم ، للتعرف هل هو دم حيض أم دم عرق .
ومن أدلتهم : ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه والأثرم في مسائله أن ابن عباس استُفتي عن امرأة اُستحيضت، فقال ابن عباس: أما إذا رأت الدم البحراني فلا تصلي، وإذا رأت الطهر ولو ساعة من نهار فلتغتسل . وقد علق بعضه البخاري في صحيحه ميز دم الحيض بالحمرة والسيلان.
وللجمع بين الأدلة نقول أن الراجح :
لأجل أن تميز دم الإستحاضة عن دم الحيض تعمل بهذه الخطوات الثلاث على سبيل الترتيب إن صلحت معها خطوة لم تنتقل إلى غيرها:
أولا: إن كانت لها عادة ثابتة في التاريخ والعدد غير مضطربة ويمكن لها ضبطها فتعمل بعادتها وتجلس مدة أيام العادة ثم تتطهر وتصلي وتصوم.
ثانيا: إن لم يكن لها عادة ثابتة وكانت تستطيع أن تميز دم الحيض عن دم الإستحاضة عملت بالتمييز، وجلست مدة خروج دم الحيض ثم تطهرت وصلت. ودم الحيض له علامات معروفة من سواد لونه ونتن رائحته وغلظته.
ثالثا: إن لم يكن لها عادة ولا تمييز جلست مدة ما يشتهر عند قريباتها من النساء كأمها وأخواتها والغالب على النساء ستة أو سبعة أيام ثم تتطهر ويحل لها كل شيء. ( فتوى الشيخ خالد البليهد)
غسل المستحاضة :
روى مسلم في صحيحه، ‏عن ‏ ‏عائشة زوج النبي ‏ ‏أنها قالت: إن ‏ ‏أم حبيبة بنت جحش ‏‏التي كانت تحت ‏ ‏عبد الرحمن بن عوف ‏ ‏شكت إلى رسول الله ‏ ‏ ‏الدم ، فقال لها ‏ : (‏امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي ) فكانت تغتسل عند كل صلاة ‏ في الحديث أمره بالغسل للمستحاضة بعد الحيضة ، وهو فِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ دَلِيل عَلَى وُجُوب الْغُسْل عَلَى الْمُسْتَحَاضَة إِذَا اِنْقَضَى زَمَن الْحَيْض وَإِنْ كَانَ الدَّم جَارِيًا , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ.
اما قول عائشة ( فكانت تغتسل عند كل صلاة ) فهذا من فعلها ، وليس إرشاد النبي لها ، فالواجب الذي أمر به والذي ارشدها إليه أن تغتسل من الحيض .
وعن ‏ ‏عائشة ‏ أيضا ‏قالت:ـ ‏
‏جاءت ‏ ‏فاطمة بنت أبي حبيش ‏ ‏إلى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقالت يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال: ( لا إنما ‏ ‏ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ‏) رواه مسلم
PBUH.JPGPBUH.JPGما يكفي لطهارة المستحاضة
سئل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ :
الاجابة:
يجب على المستحاضة أن تغتسل غسلاً واحداً بعد انتهاء مدة حيضها ولا يجب عليها الاغتسال بعد ذلك ،  وعليها أن تتوضأ لكل صلاة ، والأصل في ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : " جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي فقالت : " يا رسول الله إني امرأة استحاض فلا أطهر ، أفأدع الصلاة فقال رسول الله : ( لا إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم توضئ لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت) قال النووي في شرح مسلم بعد هذين الحديثين : " واعلم أنه لا يجب على المستحاضة الغسل لشيء من الصلوات ولا في وقت من الأوقات إلا مرة واحدة في وقت انقطاع حيضها ، وبهذا قال جمهور العلماء من السلف والخلف . فتاوى ورسائل الشيخ محمد ابن ابراهيم آل الشيخ 2/100.

فتاوى في الإستحاضة:ـ

1- هل يصح أن تصلي المستحاضة قيام الليل إذا انقضى نصف الليل بوضوء العشاء ؟

الجواب : لا ، إذا انقضى نصف الليل وجب عليها أن تجدد الوضوء وقيل لا يلزمها أن تجدد الوضوء وهو الراجح

2-إذا توضأت المرأة المستحاضة لصلاة الفرض هل يصح لها أن تصلي ما شاءت من النوافل أو قراءة القرآن بوضوء ذلك الفرض إلى حين الفرض الثاني ؟

الجواب : إذا توضأت لصلاة الفريضة من أول الوقت فلها أن تصلي ما شاءت من فروض ونوافل وقراءة قرآن إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى

3- امرأة كانت تحيض ستة أيام في أول كل شهر ثم استمر الدم معها فما الحكم ؟
الجواب : هذه المرأة التي كانت يأتيها الحيض ستة أيام من أول كل شهر ثم طرأ عليها الدم وصار يأتيها باستمرار عليها أن تجلس ستة أيام من أول كل شهر ويثبت لها أحكام الحيض , وما عداها استحاضة فتغتسل وتصلي ولا تبالي بالدم حينئذ لحديث عائشة رضي الله عنها : ( أن فاطمة بنت حبيش قالت : يا رسول الله إني استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة ؟ قال : لا إن ذلك عرق , ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي ) رواه البخاري , وعند مسلم أن النبي قال لام حبيبة بنت جحش : ( امكثي قدر ما كنت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي )
4- امرأة أصابها الدم لمدة تسعة أيام فتركت الصلاة معتقدة أنا العادة وبعد أيام قليلة جاءتها العادة الحقيقة , فماذا تصنع هل تصلي الأيام التي تركتها أم ماذا ؟
الجواب : الأفضل أن تصلي ما تركته في الأيام الأولى وإن لم تفعل فلا حرج عليها , وذلك لأن النبي لم يأمر المرأة المستحاضة التي قالت إنها تستحاض حيضة شديدة وتدع فيها الصلاة فأمرها النبي أن تتحيض ستة أيام أو سبعة وأن تصلي بقية الشهر , ولم يأمرها بإعادة ما تركته من الصلاة وإن أعادت ما تركته من الصلاة فهو حسن لأنه قد يكون منها تفريط في عدم السؤال وإن لم تعد فليس عليها شيىء

5- إذا نزل من المرأة في نهار رمضان نقط بسيطة , واستمر معا هذا الدم طوال شهر رمضان وهي تصوم فهل صومها صحيح ؟

الجواب : نعم صومها صحيح , وأما هذه النقط فليست بشيء لأنها من العروق , وقد أثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لون هذه النقط التي تكون كرعاف الأنف ليست بحيض هكذا يذكر عنه رضي الله عنه
6- ما حكم وطء المستحاضة ؟
الجواب : على القول الثاني ليس ممنوعا منها زوجها بل يأتيها ولو لم يخف العنت بل مكروه فقط ، وكان على عهد النبي مستحاضات يغشاهن أزواجهن فهو حجة وأنه يباح مع الكراهة ، والقول بعدم التحريم أرجح والإجتناب مهما أمكن أولى. والله أعلم

No comments:

Post a Comment