Wednesday 5 February 2014

أحاديث نبوية شريف وشرحها - 3 - البر حسن الخلق


حديث بيان حسن الخلق والتحذير من الإثم

*                       عن النواس بن سـمعـان رضي الله عـنه، عـن النبي صلى الله عـليه وسلم قـال: { الـبـر حـسـن الـخلق والإثـم ما حـاك في نـفـسـك وكـرهـت أن يـطـلع عــلـيـه الـنـاس }.
[رواه مسلم ]
*وعن وابصه بن معبد رضي الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال: ( جئت تسأل عن البر؟ ) قلت: نعم؛ فقال: ( استفت قلبك؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك ).
[حديث حسن، رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل: والدارمي: بإسناد حسن]

الشرح
*قوله ( البر) أي الذي ذكره الله تعالى في القرآن فقال (  وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى )(المائدة: الآية2) والبر كلمة تدل على كثرة الخير .
*( حسن الخلق ) أي حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع عباد الله ، فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم ، وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا ، فإذا أمرك الله بالصلاة والزكاة والصيام وغيرها فإنك تقابل هذا بصدر منشرح.
*       وأيضا حسن الخلق مع الله في أحكامه القدرية ، فالإنسان ليس دائما مسرورا حيث يأتيه ما يحزنه في ماله أو في أهله أو في نفسه أو في مجتمعه والذي قدر ذلك هو الله عز وجل فتكون حسن الخلق مع الله ، وتقوم بما أمرت به وتنزجر عما نهيت عنه .
*أما حسن الخلق مع الناس فقد سبق أنه :  بذل الندى وكف الأذى والصبر على الأذى ، وطلاقة الوجه .
*وهذا هو البر والمراد به البر المطلق ،  وهناك بر خاص كبر الوالدين مثلا وهو الإحسان إليهما بالمال والبدن والجاه وسائر الإحسان
و بر الوالدين لا شك أنه خلق حسن محمود كل أحد يحمد فاعله عليه .
*(والإثم ) هو ضد البر لأن الله تعالى قال : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )(المائدة: الآية2)

الفـــــــــــــــوائد من الحديث..
*البر كلمة تدل على الخير وكثرة الخير، وحسن الخلق يعني أن يكون الإنسان واسع البال منشرح الصدر والسلام مطمئن القلب حسن المعاملة، فيقول عليه الصلاة والسلام: ( إن البر حسن الخلق ) فإذا كان الإنسان حسن الخُلق مع الله ومع عباد الله حصل له الخير الكثير وانشرح صدره للإسلام واطمأن قلبه بالإيمان وخالق الناس بخلق حسن، وأما الإثم فبيّنه النبي عليه الصلاة والسلام بأنه: ( ما حاك في نفسك ) وهو يخاطب النواس بن سمعان، والنواس ابن سمعان صحابي جليل فلا يحيك في نفسه ويتردد في نفسه ولا تأمنه النفس إلا ما كان إثماً ولهذا قال: ( ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس )
*وأما أهل الفسق والفجور فإن الآثام لا تحيك بنفوسهم ولا يكرهون أن يطلع عليها الناس بل بعضهم يتبجح ويخبر بما يصنع من الفجور والفسق، ولكن الكلام مع الرجل المستقيم فإنه إذا هم بسيئة حاك ذلك في نفسه وكره أن يطلع الناس على ذلك، وهذا الميزان الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام إنما يكون مع أهل الخير والصلاح.
*ومثل الحديث عن وابصة بن معد  قال: أتيت النبي  فقال: ( جئت تسأل عن البر؟ ) قلت: نعم، قال: ( استفت قلبك ) يعني لا تسأل أحداً واسأل قلبك واطلب منه الفتوى( البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب )، فمتى وجدت نفسك مطمئنة وقلبك مطمئن إلى شيء فهذا هو البر فافعله ( والإثم ما حاك نفسك ) في النفس وتردد في الصدر، فإذا رأيت هذا الشيء حاك في نفسك وتردد في صدرك فهو إثم، قال: ( وإن أفتاك الناس وأفتوك ) يعني إن أفتاك الناس بأنه ليس فيه إثم وأفتوك مرة بعد مرة، وهذا يقع كثيراً تجد الإنسان يتردد في الشيء ولا يطمئن إليه ويتردد فيه ويقول له الناس: هذا حلال وهذا لابأس به، لكن لم ينشرح صدره بهذا ولم تطمئن إليه نفسه فيقال: مثل هذا إنه إثم فاجتنبه.
*ومن فوائد هذا الحديث والذي قبله: فضيلة حسن الخلق ، وهو من صفات النبي،  وحسن الخلق هو البر.
*ومن فوائده أيضاً: أن ميزان الإثم أن يحيك بالنفس ولا يطمئن إليه القلب.
*ومن فوائده: أن المؤمن يكره أن يطلع الناس على عيوبه بخلاف المستهتر الذي لا يبالي، فإنه لا يهتم إذا اطلع الناس على عيوبه.
*ومن فوائدها: فراسة النبي  حيث أتى إليه وابصة  فقال: ( جئت تسأل عن البر ؟ ).
*ومن فوائدها: إحالة حكم الشيء إلى النفس المطمئنة التي تكره الشر وتحب الخير، لقوله: ( البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ).
*ومن فوائد الحديثين أيضاً: أن الإنسان الذي عنده من العلم والفطرة السليمة ،ينبغي له أن ينظر إلى مايكون في نفسه دون ما يفتيه الناس به فقد يفتيه الناس الذين لا علم لهم بشيء لكنه يتردد فيه ويكرهه فمثل هذا لا يرجع إلى فتوى الناس وإنما يرجع إلى ما عنده.
*                       ومن فوائدهما: أنه متى أمكن الاجتهاد فإنه لايعدل إلى التقليد لقوله: ( وإن أفتاك الناس وأفتوك  (

منقول للفائدة  

No comments:

Post a Comment