Friday 7 February 2014

تدبر أيات القرآن العظيم - الحزب السادس صفات المتقين




اليوم سنتعرض لبعض الآيات من الحزب السادس من القرآن العظيم مما له أثر عظيم في النفوس تستبشر به وتفرح ، وكذلك هو عندي ، فأحببت أن أشرككم فيه لعلنا نتدبر آيات الله ، وبسم الله نقول..

قال تعالى : ( الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار * الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين بالأسحار ) ( آل عمران 16-17 ) من هم هؤلاء الذين وعدهم الله تعالى بالجنات خالدين فيها ، ولهم فيها أزواج مطهرة ، ورضوان من الله ؟ كيف وصفهم الله تعالى ؟ وما هي الصفات التي استحقوا عليها هذا النعيم؟
تعالوا معي نسمع كلام ربنا ونعيه ونتدبره:

1- قال في أولى  صفاتهم أنهم نطقوا بكلمة الإسلام ، وجاهروا بالإيمان بالله وبالرسول ، وكان رجاءهم ودعاءهم لربهم ( اللهم بحق إيماننا بك اغفر لنا ذنوبنا ، اللهم نتوسل إليك بإيماننا بك وتصديقنا برسولك أن تغفر لنا ذنوبنا ، وإسرافنا في أمرنا ، وتقصيرنا من أمرنا ، وأن تقينا عذاب النار ) وأنت لو عذبت كل خلقك بالنار ما كنت ظلمتهم ، ولو زحزحتهم عنها فبرحمتك ، فارحمنا يا ربنا ) 

2- والصابرين : والصبر وهو حبس النفس ، له صور وحالات كثيره ، كما ورد معنا في سورة البقرة (الصابرين في البأساء والضراء وحين البأس ..) وهنا في هذه الآية ينصرف المقصود بالصبر هو الصبر عن المعاصي ، والصبر على الطاعات ، ولا شك أنها هذا النوع من الصبر من أِشد انواع الصبر على النفس، لأنه اختيار للمرء أن يفعله أو لا يفعله ، ويحتاج منه لقوة إيمان ليسلكه ، وقوة عزيمة تعينه ، وهو غير الحالات الأخرى للصبر مثل الصبر على المصيبة  والمرض والفقر وفقد الأحبة  ،وهذه الحالات وإن كانت في ظاهرها أشد على النفس أن تتحملها ،فالمرء لا يملك إلا يفعله مرغما أو طائعا ، لأنه سواء أصبر أم جزع فلا يغير هذا من الحال شيء
ولذلك استحق أهل الصبر على فعل الطاعات ، وترك المنكرات ، وحبس أنفسهم عن فعلها  أن يذكروا في أول قائمة المستحقين للثواب العظيم 

3- ومن المستحقين لذكرهم في أهل رضى الله عنهم  ( القانتين ) والقنوت هو الطاعة والخضوع والإستسلام التام لإرادة مولاهم .
4- ثم هم ( المنفقين ) أي من أموالهم في جميع مجالات الأنفاق لمواساة المحتاجين ، ولصلة الأرحام والقربات ، وسد الخلات وهناك صورة أخرى للإنفاق غير أنفاق للأموال لا تقل عنه أهمية ، وهو إنفاق ما يستطيع أن يواسي فيه المسلمين ولو كان الكلمة الطيبة ، والعلم النافع ، والمساعدة البدنية أو المواساة النفسية ، تصديقا لقول نبينا الكريم ( تبسمك في وجه أخيك صدقة )  

5- ( والمستغفرين بالأسحار ) وهنا فضيلتين اجتمعتا ، فضيلة الإستغفار في كل الأوقات ، وعلى كل الأحوال ، وفضيلة وقت السحر في استجابة الدعاء ، لما ثبت من غير وجه عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يتنزل ربنا تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول : هل من سائل فأعطيه ؟ هل من داع فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ ) وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( من كل الليل قد اوتر رسول الله ، من أوله وأوسطه وآخره ، فانتهى وتره إلى السحر )
نسأل الله أن يكون هذه الأفعال والأقوال لنا سجية ، ومحبة

وفي الحزب السادس أيضا آية جليلة هي دعاء ، وتعظيم للرب في صفاته ، يقول الله عز وجل : ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ، تعز من تشاء وتُذل من تشاء بيدك الخير إنك على شيء قدير ) ( آل عمران 26 ) 

الأمر من رب الأرباب لنبيه الكريم : يا محمد قل معظما لربك وشاكرا له ومتوكلا عليه قل : ( اللهم مالك الملك ...) الآية ، أي أنت رب المعطي لا معطي سواك ، وأنت إن شئت تمنع ، فلا تسأل عما تفعل ، وجميع خلقك مسئولون ،وأنت ربنا ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن .

 وفي هذه الآية تنبيه وإرشاد من الله تعالى  لنبيه إلى شكر نعمة الله عليه ، وعلى أمته أن حوّل النبوة من بني إسرائيل إلى النبي العربي القرشي الأمي المكي ، خاتم الأنبياء على الإطلاق ، ورسوله إلى الثقلين الإنس والجن ، والذي جمع فيه محاسن من كان قبله ، وزاده عليها بخصائص وصفات لم يعطها أحد من قبله ولا بعده ، لا نبيا ولا رسولا
 فقد أعلى ذكره ، فلا يذكر الله تعالى في الآذان إلا ويذكر معه نبيه محمد ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ونصره الله على عدوه بالرعب من مسيرة شهر ، ونشر أمته في الآفاق في مشارق الأرض ومغاربها
وفي الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي قال : 

( أُوتِيتُ خَمْسًا لَمْ يُؤْتَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي : جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ عَلَى عَدُوِّي مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَبُعِثْتُ إِلَى الأَحْمَرِ وَالأَسْوَدِ ، وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِنَبِيٍّ كَانَ قَبْلِي ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ وَهِيَ نَائِلَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا )
قال النبي :( أنا أول شفيع في الجنة) وقال :( ما صدَّق أحد من الأنبياء ما صدَّقت ، وإن من الأنبياء لنبيا ما صدقه من أمته إلا رجل واحد ) أي أنه أكثر الأنبياء أتباعا
وقال رسول الله : ( إذا كان يوم القيامة كنت إمام الناس وخطيبهم وصاحب شفاعتهم ولا فخر)

اللهم أنا نسألك من خير ما سالك منه عبدك ونبيك محمد ص ، ونعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبدك ونبيك محمد

No comments:

Post a Comment