Monday 24 February 2014

صحابيات حول رسول الله ﷺ- المهاجرة الممتحنة- أم كلثوم بنت عقبة









 
المهاجرة الممتحنة.. أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط

• اسمها ونسبها:

هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط (أبان) بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبدمناف بن قصي الأموي، فأبوها عقبة بن أبي معيط من أشد الناس عداوةً لرسول الله ، وأمها أروى بنت كريز أم عثمان بن عفان، فهي أخت عثمان بن عفان من الأم.

• إسلامها وقصة هجرتها:

وقد أسلمت أم كلثوم- دون أسرتها جميعًا- وبايعت قبل الهجرة، وخافت على نفسها من الفتنة؛ بسبب شدة إيذاء أهلها لها فقررت الهجرة وذلك في السنة السابعة للهجرة بعد صلح الحديبية، وهي أول مَن هاجر من النساء –وحدها-  بعد أن هاجَر رسول الله إلى المدينة، ولم يُعلم قرشيةً خرجت من بين أبويها مسلمةً مهاجرةً إلى الله ورسوله إلا أم كلثوم بنت عقبة.
خرجت من مكة وحدها، وكان من الأمور الصعبة على أم كلثوم- كفتاة وحيدة- الخروج وحدها لتقطع الطريق إلى المدينة دون حماية، ورغم المخاطر خرجت أم كلثوم من مكة وحدها، وفي الطريق قام بحراستها أحد المؤمنين من قبيلة خزاعة.
وصحيح أن الخروج مع شخص غريب حرام، لكن في حالة أم كلثوم كان يجب عليها أن تُهاجر بأي طريقة؛ لكي لا تُفتن في دينها وهي في قومها المشركين، وفي ذلك الوقت لم تكن بعد تعرف آيات الحجاب والتحريم، كما أنها وهي تحكي قصة هجرتها وضح لنا أن مَن كان قاصدًا وجه الله بعمله حفظه الله وستره؛ حتى قدِمَت المدينة في الهدنة (هدنة الحديبية) فخرج في أثَرِها أخواها الوليد وعمارة ابنا عقبة، فقدِما المدينةَ من الغد يوم قدمت فقالا: يا محمد: أوفِ لنا بشرطنا وما عاهدتنا عليه، فقالت "أم كلثوم": يا رسول الله، أنا امرأةٌ وحالُ النساء إلى الضعف ما قد علمتَ، فتردني إلى الكفار يفتنوني في ديني ولا صبرَ لي..".
فنقض الله العهدَ في النساء في صلح الحديبية، وأنزل فيهن (سورة الممتحنة) وحكَم في ذلك بحكمٍ رضوه كلهم، وفي أم كلثوم نزل ﴿فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ﴾ (الممتحنة:10) فامتحنها رسول الله وامتحن النساء بعدها بأن يقول: "والله ما أخرجكن إلا حبُّ الله ورسوله والإسلام وما خرجتُن لزوجٍ ولا مالٍ؟" فإذا قُلنَ ذلك تُرِكْن وحُبِسْن فلم يُردَدن إلى أهليهن، فقال رسول الله للوليد وعمارة ابني عقبة: "قد نقض الله العهد في النساء بما قد علمتماه" فانصرِفا.

•  أم كلثوم  رضي الله عنها تحكي قصة هجرتها..

قالت‏:‏ "كنتُ أخرجُ إلى باديةٍ لنا فيها أهلي فأقيمُ بها الثلاث والأربع( أيام )، وهي ناحية التنعيم ثم أرجِع إلى أهلي فلا ينكرون ذهابي إلى البادية، حتى أجمعت المسير فخرجت يومًا من مكة كأني أريد البادية.. فلما رجع من تبعَني إذا رجلٌ من خُزاعة قال‏:‏ أين تريدين..؟ قلت‏:‏ وما مسألتُك؟ ومَن أنت؟ قال: رجل من خزاعة.. فاطمأننتُ إليه لدخول خزاعة في عهد رسول الله وعَقده، فقلت‏:‏ إني امرأةٌ من قريشٍ، وإني أريد اللحوق برسول الله ولا علمَ لي بالطريق.
فقال‏:‏ أنا صاحبك حتى أوردك المدينة، ثم جاءني ببعير فركبتُه فكان يقود بي البعير، ولا والله ما يكلمني بكلمةٍ حتى إذا أناخ البعير تنحَّى عني، فإذا نزلتُ جاء إلى البعير فقيده بالشجر وتنحَّى إلى فيء شجرةٍ، حتى إذا كان الرَّواح خدَج البعير فقرَّبه وولَّى عني فإذا ركبْتُ أخذَ برأسِه فلم يلتفت وراءَه حتى أنزلَ فلم يزلْ كذلك حتى قدِمْنا المدينة، فجزاه الله من صاحبٍ خيرًا، فدخلت على أم سلمةوأنا متنقِّبة  فماعرفتني حتى كشفتُ النقابَ فالتزمتني وقالت‏:‏ "هاجرتِ إلى الله وإلى رسوله..؟ قلتُ‏:‏ نعم، وأنا أخاف أن يردَّني كما رد أباجندل  وأبابصير، وحال الرجال ليس كحال النساء، والقوم مصبِّحي قد طالت غيبتي عنهم اليوم خمسةَ أيام منذ فارقتُهم، وهم يتحيَّنون قدرَ ما كنتُ أغيب ثم يطلبوني، فإن لم يجدوني رحلوا‏.‏
فدخل رسول الله على أم سلمة فأخبرَتْه خبرَ أم كلثوم فرحَّب بها وسهَّل، فقلت‏:‏ إنِّي فررت إليك بديني فامنعني ولا تردني إليهم يفتنوني ويعذبوني، ولا صبرَ لي على العذاب.. إنما أنا امرأةٌ، وضعفُ النساء على ما تعرِف، وقد رأيتك رددتَ رجلَيْن حتى امتنع أحدهما فقال‏:‏ ‏"‏إن الله- عز وجل- نقض العهد في النساء‏"‏، وحكم في ذلك بحكمٍ رضوه كلهم، وكان يرد النساء ، فقدِم أخواها الوليدُ وعمارةُ من الغد، فقالا‏:‏ أوفِ لنا بشرطنا وما عاهدتنا عليه فقال‏:‏ ‏"قد نقض الله ذلك‏"‏ فانصرفا‏".‏

• زواجها:

وكانت أم كلثوم بِكرًا لم يكن لـها بمكة زوجٌ، فلما قدِمت المدينة تزوَّجها زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي حب رسول الله ، فوَلدت له وقُتل عنها يوم (مؤتة) فتزوَّجها الزبير بن العوام بن خويلد فولدت له زينب، وقد روي أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط  كانت تحت الزبير بن العوام، وكانت فيه شدةٌ على النساء، وكانت له كارهةً فكانت تسأله الطلاق فيأبَى عليها حتى ضربها الطلق- وهو لا يعلم- فألحَّت عليه وهو يتوضأ للصلاة فطلقها تطليقةً، ثم خرجت فوضعتْ فأدركه إنسان من أهله فأخبره أنها قد وضعت، فقال خدعَتْني خدعها الله، فأتَى النبيَ فذكر ذلكَ له، فقال "سبقَ فيها كتاب الله فاخطبها.." قال: "لا ترجع إليَّ أبدًا".
ثم تزوجها عبدالرحمن بن عوف وهو أحد المبشرين بالجنة،  فولدت له إبراهيم وحميدًا، ومات عنها عبدالرحمن فتزوجها عمرو بن العاص، وقد توفيت بعد شهر من زواجه، وقد جاء أجلها رضي الله عنها في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه فماتت عند سيدنا عمرو.
• دورها في رواية الحديث النبوي:

روت هذه الصحابية الجليلة عن النبي عشرة أحاديث، ولها أيضًا في "الصحيحين" حديث واحد، وهو حديث حالات الكذب، وسنده ومتنه التالي: حدثنا عبدالعزيز بن عبد الله.. حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن بن شهاب.. أن حميد بن عبدالرحمن أخبره أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا" (أخرجه البخاري)، وعنها رضي الله عنها: "ولم أسمعه- أي رسول الله صلى الله عليه وسلم- يرخص في شيء مما يقوله الناس كذبًا إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها" (أخرجه أحمد ومسلم).
   روى عنها ابناها : حميد ، وإبراهيم ، وبسرة بنت صفوان .

• وفاتها:
توفيت رضي الله عنها في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

No comments:

Post a Comment